يَجْحَدُونَ} الاستفهام للإِنكار أي أيشركون معه غيره وهو المنعم المتفضل عليهم؟ ﴿والله جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً﴾ أي هو تعالى بقدرته خلق النساء من جنسكم وشكلكم ليحصل الائتلاف والمودة والرحمة بينكم ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾ أي جعل لكم من هؤلاء الزوجات الأولاد وأولاد الأولاد، سمّوا حفدة لأنهم يخدمون أجدادهم ويسارعون في طاعتهم ﴿وَرَزَقَكُم مِّنَ الطيبات﴾ أي رزقكم من أنواع اللذائذ من الثمار والحبوب والحيوان ﴿أفبالباطل يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ الله هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ أي أبعد تحقق ما ذُكر من نعم الله يؤمنون بالأوثان ويكفرون بالرحمن؟ وهو استفهام للتوبيخ والتقريع ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ السماوات والأرض شَيْئاً﴾ أي ويعبد هؤلاء المشركون أوثاناً لا تقدر على إِنزال مطر، ولا على إِخراج زرعٍ أو شجر، ولا تقدر أن ترزقهم قليلاً أو كثيراً ﴿وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ﴾ أي ليس لها ذلك ولا تقدر عليه لو أرادت ﴿فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ الأمثال إِنَّ الله يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ أي يعلم كل الحقائق، وأنتم لا تعلمون قدر عظمة الخالق.
البَلاَغَة: تضمنت الآيات الكريمة من صنوف البيان والبديع ما يلي:
١ - الالتفات من التكلم إلى الغيبة إلى المتكلم ﴿فَإيَّايَ فارهبون﴾ لتربية المهابة والرهبة في القلوب مع إفادة القصر أي لا تخافوا غيري.
٢ - الطباق في ﴿يَسْتَقْدِمُونَ... يَسْتَأْخِرُونَ﴾ وفي ﴿فَأَحْيَا بِهِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَآ﴾ وفي ﴿يُؤْمِنُونَ... ويَكْفُرُونَ﴾.
٣ - الجناس الناقص بين ﴿كُلِي مِن كُلِّ﴾.
٤ - الاعتراض ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ البنات - سبحانه - وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ﴾ فلفظة (سبحانه) معترضة لتعجيب الخلق من هذا الجهل القبيح.
٥ - صيغة المبالغة في ﴿العزيز الحكيم﴾ و ﴿عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾.
٦ - السجع ﴿يَعْقِلُونَ، يَعْرِشُونَ، يَجْحَدُونَ، يَكْفُرُونَ﴾.
٧ - التهديد والوعيد ﴿فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾.
٨ - قوله تعالى ﴿وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الكذب﴾ قال الشهاب: هذا من بليغ الكلام وبديعه أي ألسنتهم كاذبة كقولهم ﴿عينُها تصفُ السحر﴾ أي ساحرة، وقدُّها يصف الهيف أي هيفاء.