الجهد كما قال الفراء ﴿جُرُزاً﴾ الجُرُز: الأرض التي لا نبات عليها ﴿الكهف﴾ النقب المتسع في الجبل وإذا لم يكن متسعاً فهو غار ﴿والرقيم﴾ اللوح الذي كتبت فيه أسماء أصحاب الكهف ﴿شَطَطاً﴾ الشطط: الجور والغلو وتعدي الحد قال الفراء: اشتط في الأمر جاوز الحد، وشطَّ المنزل بَعُدَ ﴿تَّزَاوَرُ﴾ تتنحَّى وتميل من الأزورار بمعنى الميل قال عنترة «وازْورَّ من وقع القنا بلبانه» ﴿بالوصيد﴾ الفِناء أي فناء الكهف ﴿فَجْوَةٍ﴾ متَّسع من المكان ﴿بِوَرِقِكُمْ﴾ الوَرِق: اسمٌ للفضة سواءً كانت مضروبةً أم لا ﴿أَعْثَرْنَا﴾ أطلعنا ﴿تُمَارِ﴾ تجادل والمراءُ: المجادلة.
التفسِير: ﴿الحمد لِلَّهِ الذي أَنْزَلَ على عَبْدِهِ الكتاب﴾ أي الثناء الكامل مع التعظيم والإِجلال لله الذي أنزل على رسوله محمد القرآن نعمةً عليه وعلى سائر الخلق ﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا﴾ أي لم يجعل فيه شيئاً من العوج لا في ألفاظه ولا في معانيه، وليس فيه أي عيبٍ أو تناقض ﴿قَيِّماً﴾ أي مستقيماً لا اختلاف فيه ولا تناقض قال الطبري: هذا من المُقدَّم والمؤخر أي أنزل الكتاب قيّماً ولم يجعل له عِوَجاً يعني مستقيماً لا اختلاف فيه ولا تفاوت، ولا اعوجاج ولا ميل عن الحق، ﴿لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ﴾ أي لينذر بهذا القرآن الكافرين عذاباً شديداً من عنده تعالى ﴿وَيُبَشِّرَ المؤمنين الذين يَعْمَلُونَ الصالحات﴾ أي ويبشّر المصدقين بالقرآن الذين يعملون الأعمال الصالحة ﴿أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً﴾ أي أن لهم الجنة وما فيها من النعيم المقيم ﴿مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً﴾ أي مقيمين في ذلك النعيم الذي لا انتهاء له ولا انقضاء ﴿وَيُنْذِرَ الذين قَالُواْ اتخذ الله وَلَداً﴾ أي ويخوّف أولئك الكافرين الذين نسبوا لله الولد عذابه الأليم قال البيضاوي: خصَّهم بالذكر وكَّرر الإِنذار استعظاماً لكفرهم، وإِنما لم يذكر المُنْذَر به استغناءً بتقدم ذكره ﴿مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ﴾ أي ما لهم بذلك الافتراء الشنيع شيءٌ من العلم أصلاً ﴿وَلاَ لآبَائِهِمْ﴾ أي ولا لأسلافهم الذي قلَّدوهم فتاهوا جميعاً في بيداء الجهالة والضلالة ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾ أي عظمت تلك المقالة الشنيعة كلمة قبيحة ما أشنعها وأفظعها؟ خرجت من أفواه أولئك المجرمين، وهي في غاية الفساد والبطلان ﴿إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً﴾ أي يقولون إلا كذباً وسفهاً وزوراً ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ﴾ أي فلعلك قاتلٌ نفسك يا محمد ومهلكها غمّاً وحزناً على فراقهم وتوليهم وإِعراضهم عن الإِيمان ﴿إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الحديث أَسَفاً﴾ أي إن لم يؤمنوا بهذا القرآن حسرةً وأسفاً عليهم، فما يستحق هؤلاء أن تحزن وتأسف عليهم، والآية تسليةٌ للنبي عليه السلام ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرض زِينَةً لَّهَا﴾ أي جعلنا ما عليها من زخارف ورياش ومتاع وذهب وفضة وغيرها زينة للأرض كما زينا السماء بالكواكب ﴿لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ أي لنختبر الخلق أيهم أطوع لله وأحسن عملاً لآخرته ﴿وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً﴾ أي سنجعل ما عليها من الزينة والنعيم حطاماً وركاماً حتى تصبح كالأرض الجرداء التي لا نبات فيها ولا حياة بعد أن كانت خضراء بهجة قال القرطبي: الآية وردت لتسلية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمعنى: لا تهتم يا محمد للدنيا وأهلها فإِنا إنما جعلنا ذلك امتحاناً واختباراً لأهلها، فمنهم من يتدبر ويؤمن ومنهم من يكفر، ثم إن يوم القيامة بين أيديهم، فلا يعظمنَّ عليك كفرُهم فإنا