بالحزبين: أصحابُ الكهف، والذين بعثهم الله إليهم حتى رأوهم وقال مجاهد: الحزبان من أصحاب الكهف لما استيقظوا اختلفوا في المدة التي لبثوها في الكهف فقال بعضهم: يوماً أو بعض يوم وقال آخرون: ربكم أعلم بما لبثتم، والقول الأول مروي عن ابن عباس ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بالحق﴾ أي نحن نقص عليك يا محمد خبرهم العجيب على وجه الصدق دون زيادةٍ ولا نقصان ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ أي إنهم جماعة من الشبان آمنوا بالله فثبتناهم على الدين وزدناهم يقيناً ﴿وَرَبَطْنَا على قُلُوبِهِمْ﴾ أي قوينا عزمهم وألهمناهم الصبر حتى أصبحت قلوبهم ثابتة راسخة، مطمئنة إلى الحق معتزةً بالإِيمان ﴿إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ السماوات والأرض﴾ أي حين قاموا بين يدي الملك الكافر الجبار من غير مبالاة فقالوا ربنا هو خالق السماوات والأرض لا ما تدعونا إليه من عبادة الأوثان والأصنام ﴿لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إلها﴾ أي لن نشرك معه غيره فهو واحد بلا شريك ﴿لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً﴾ أي لئن عبدنا غيره نكون قد تجاوزنا الحقَّ، وحُدنا عن الصواب، وأفرطنا في الظلم والضلال ﴿هؤلاء قَوْمُنَا اتخذوا مِن دُونِهِ آلِهَةً﴾ أي هؤلاء أهل بلدنا عبدوا الأصنام تقليداً من غير حجة ﴿لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ﴾ أي هلاّ يأتون على عبادتهم لها ببرهان ظاهر، والغرض من التحضيض ﴿لَّوْلاَ﴾ التعجيز كأنهم قالوا إنهم لا يستطيعون أن يأتوا بحجة ظاهرة على عبادتهم للأصنام فهم إذاً كذبة على الله ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً﴾ استفهام بمعنى النفي أي لا أحد أظلم ممن كذب على الله بنسبة الشريك إليه تعالى ﴿وَإِذِ اعتزلتموهم وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ الله﴾ أي وإِذْ اعتزلتم أيها الفتية قومكم وما يعبدون من الأوثان غير الله تعالى ﴿فَأْوُوا إِلَى الكهف﴾ أي التجئوا إلى الكهف ﴿يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ﴾ أي يبسط ربكم ويوسّعْ عليكم رحمته ﴿وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً﴾ أي يُسهّل عليكم أسباب الرزق وما ترتفقون به من غداء وعشاء في هذا الغار ﴿وَتَرَى الشمس إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ اليمين﴾ أي ترى أيها المخاطب الشمس إذا طلعت تميل عن كهفهم جهة اليمين ﴿وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشمال﴾ أي وإذا غربت تقطعهم وتُبعد عنهم جهة الشمال والغرض أن الشمس لا تصيبهم عند طلوعها ولا عند غروبها كرامةً لهم من الله لئلا تؤذيهم بحرها ﴿وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ﴾ أي في متَّسع من الكهف وفي وسطه بحيث لا تصيبهم الشمس لا في ابتداء النهار، ولا في آخره ﴿ذلك مِنْ آيَاتِ الله﴾ أي ذلك الصنيع من دلائل قدرة الله الباهرة قال ابن


الصفحة التالية
Icon