أمر الله غير تضليل وإبعاد عن الخير قال الزمخشري: ﴿غَيْرَ تَخْسِيرٍ﴾ يعني تخسرون أعمالي وتبطلونها ﴿وياقوم هذه نَاقَةُ الله لَكُمْ آيَةً﴾ أضاف الناقة إلى الله تشريفاً لها لأنها خرجت من صخرة صماء بقدرة الله حسب طلبهم أي هذه الناقة معجزتي لكم وعلامة على صدقي ﴿فَذَرُوهَا تَأْكُلْ في أَرْضِ الله﴾ أي دعوها تأكل وتشرب في أرض الله فليس عليكم رزقها ﴿وَلاَ تَمَسُّوهَا بسواء فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ﴾ أي لا تنالوها بشيءٍ من السوء فيصيبكم عذاب عاجل لا يتأخر عنكم ﴿فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ﴾ أي ذبحوا الناقة فقال لهم صالح: استمتعوا بالعيش في بلدكم ثلاثة أيام ثم تهلكون قال القرطبي: إنما عقرها بعضهم وأضيف إلى الكل لأنه كان برضى الباقين، فعقرت يوم الأربعاء فأقاموا يوم الخميس والجمعة والسبت وآتاهم العذاب يوم الأحد ﴿ذلك وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾ أي وعدٌ حق غير مكذوب فيه ﴿فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً والذين آمَنُواْ مَعَهُ﴾ أي فلما أمرنا بإهلاكهم نجينا صالحاً ومن آمن به ﴿بِرَحْمَةٍ مِّنَّا﴾ أي بنعمةٍ وفضلٍ عظيم من الله ﴿وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ﴾ أي ونجيناهم من هوان ذلك اليوم وذُلّة ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ القوي العزيز﴾ أي القوي في بطشه، العزيز في ملكه، لا يغلبه غالب، ولا يقهره قاهر ﴿وَأَخَذَ الذين ظَلَمُواْ الصيحة فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ أي أخذتهم صيحةٌ من السماء تقطعت لها قلوبهم، فأصبحوا هامدين موتى لا حرَاك بهم كالطير إذا جثمت ﴿كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ﴾ أي كأن لم يقيموا في ديارهم ولم يَعْمُروها ﴿أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ﴾ أي ألا فانتبهوا أيها القوم إن ثمود كفروا بآيات ربهم فسحقاً لهم وبُعْداً، وهلاكاً ولعنة ﴿وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بالبشرى﴾ هذه هي القصة الرابعة وهي قصة لوط وهلاك قومه المكذبين أي جاءت الملائكةُ الذين أرسلناهم لإِهلاك قوم لوط إبراهيمَ بالبشارة بإسحاق، قال القرطبي: لما أنزل الله الملائكة لعذاب قوم لوط مرّوا بإبراهيم فظنهم أضيافاً، وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل قاله ابن عباس، وقال السدي: كانوا أحد عشر ملَكاً على صورة الغلمان الحسان الوجوه ﴿قَالُواْ سَلاَماً﴾ أي سلموا عليه سلاماً ﴿قَالَ سَلاَمٌ﴾ أي قال لهم إبراهيم: سلام عليكم قال المفسرون: ردَّ عليهم التحية بأحسن من تحيتهم لأنه جاء بها جملة اسميّة وهي تدل على الثبات والاستمرار ﴿فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ﴾ أي فما أبطأ ولا تأخر مجيئه حتى جاء بعجلٍ مشويٍّ فقدمه لهم قال الزمخشري: والعجل: ولد البقرة ويسمى «الحسيل» وكان مال إبراهيم عليه السلام البقر، والحنيذ: المشوي بالحجارة المحماة في أخدود وقيل: الذي يقطر دسمه ويدل عليه «بعجلٍ سمين» ﴿فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ﴾ أي فلما رآهم لا يمدون أيديهم إلى الطعام ولا يأكلون منه أنكرهم ﴿وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾ أي أحسَّ منهم الخوف والفزع قال قتادة: كان العرب إذا نزل بهم ضيف فلم يطعم من طعامهم ظنوا أنه لم يجيء بخير وأنه جاء يحدث نفسه بشرّ ﴿قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمِ لُوطٍ﴾ أي قالت الملائكة: لا تخف فإنا ملائكة ربك لا نأكل، وقد