عَلَيْهِمْ ضِدّاً} أي ليس الأمر كما ظنوا وتوهموا فإن الآلهة التي عبدوها ستبرأ من عبادتهم ويكونون له أعداء يوم القيامة ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا الشياطين عَلَى الكافرين تَؤُزُّهُمْ أَزّاً﴾ أي ألم تر يا محمد أنَّا سلَّطنا الشياطين على الكافرين تُغريهم إغراءٌ بالشر، وتهيّجُهم تهييجاً حتى يركبوا المعاصي قال الرازي: أي تغريهم على المعاصي وتحثُّهم وتهيّجهم لها بالوساوس والتسويلات ﴿فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً﴾ أي لا تتعجل يا محمد في طلب هلاكهم فإِنه لم يبق لهم أيام وأنفاس نعدُّها عليهم عدّاً ثم يصيرون إلى عذاب شديد قال ابن عباس: نعدُّ أنفاسهم في الدنيا كما نعدُّ عليهم سنيَّهم ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ المتقين إِلَى الرحمن وَفْداً﴾ أي يوم نحشر المتقين إلى ربهم معزَّزين مكرَّمين، راكبين على النوق كما يفد الوفود على الملوك منتظرين لكرامتهم وإِنعامهم ﴿وَنَسُوقُ المجرمين إلى جَهَنَّمَ وِرْداً﴾ أي ونسوق المجرمين كما تُساق البهائم مشاةً عطاشاً كأنهم إبلٌ عطاش تُساق إلى الماء وفي الحديث
«يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق: راغبين، وراهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، واربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتُجرُّ بقيتهم إلى النار، تقبل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا»
﴿لاَّ يَمْلِكُونَ الشفاعة﴾ أي لا يشفعون ولا يُشفع لهم ﴿إِلاَّ مَنِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً﴾ الاستثناء منقطع أي لكنْ من تحلَّى بالإيمان والعمل الصالح فإنه يملك الشفاعة قال ابن عباس: العهدُ «شهادة أن لا إله إلا الله» ﴿وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً﴾ أي اليهود والنصارى ومن زعم أن الملائكة بنات الله ﴿لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً﴾ أي لقد أتيتم أيها المشركون بقولٍ منكر عظيم تناهى في القبح والشناعة ﴿تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ﴾ أي تكاد السماوات تتشقَّق من هول هذا القول ﴿وَتَنشَقُّ الأرض وَتَخِرُّ الجبال هَدّاً﴾ أي وتنشقُّ كذلك الأرض وتندكُّ الجبال وتُهدُّ هداً استعظاماً للكلمة الشنيعة ﴿أَن دَعَوْا للرحمن وَلَداً﴾ أي ما يليق به سبحانه اتخاذ الولد، لأن الولد يقتضي المجانسة ويكون عن حاجة، وهو المنزَّه عن الشبيه والنظير، والغني عن المعين والنصير ﴿إِن كُلُّ مَن فِي السماوات والأرض إِلاَّ آتِي الرحمن عَبْداً﴾ أي ما من مخلوقٍ في هذا العالم العلوي والسفلي إلا وهو عبدٌ لله، ذليلٌ خاضعٌ بين يديه، منقادٌ مطيع له كما يفعل العبيد ﴿لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً﴾ أي علم عددهم وأحاط علمه بهم فلا يخفى عليه شيء من أمورهم ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القيامة فَرْداً﴾ أي وكل فردٍ يأتي يوم القيامة وحيداً فريداً، بلا مالٍ ولا نصير، ولا معين ولا خفير ﴿إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرحمن وُدّاً﴾ لما ذكر أحوال المجرمين ذكر أحوال المؤمنين والمعنى سيحدث لهم في قلوب عباده الصالحين محبةً ومودة قال الربيع: يحبُّهم ويحببهم إلى الناس ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ المتقين وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً﴾ أي فإِنما يسرنا يا محمد هذا القرآن بلسانك العربي تقرأه، وجعلناه سهلاً يسيراً لمن تدبره، لتبشّر به المؤمنين المتقين، وتخوّف به قوماً معاندين شديدي الخصومة والجدال ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ﴾ أي كم من الأمم الماضية أهلكناهم بتكذيبهم الرسل، و «كم» للتكثير ﴿هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ﴾ أي هل ترى منهم أحداً؟ ﴿أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً﴾ أي