المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى نعمته على موسى باستجابة دعائه وإعطائه سُؤْله، ذكر هنا ما خصَّه به من الاصطفاء والاجتباء، وأمره بالذهاب إلى فرعون مع أخيه هارون لتبليغه دعوة الله، ثم ذكر ما دار من الحوار بين موسى وفرعون وما كان من أمر السحرة وسجودهم لله ربْ العالمين.
اللغَة: ﴿اصطنعتك﴾ اصطفيتك واخترتك، وأصل الاصطناع: اتخاذ الصَّنيعة وهو الخير تُسْديه إلى إنسان ﴿تَنِيَا﴾ الونى: الضَّعف والفتور قال العجَّاج:
فما وَنى محمدٌ مُذْ أن غَفرْ | له الإلهُ ما مضَى وما غَبَر |
وعضُّ زمانٍ يا ابن مروانَ لم يَدعْ | من المال إلا مُسْحتٌ أو مجُلَّف |
التفسِير: ﴿واصطنعتك لِنَفْسِي﴾ أي اخترتك لرسالتي ووحيي ﴿اذهب أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي﴾ أي اذهب مع هارون بحججي وبارهيني ومعجزاتي قال المفسرون: المراد بالآيات هنا اليد والعصا التي أيّد الله بها موسى ﴿وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي﴾ أي لا تفترا وتقصِّرا في ذكر الله وتسبيحه قال ابن كثير: والمراد ألاّ يفترا عن ذكر الله بل يذكران الله في حال مواجهة فرعون، ليكون ذكر الله عوناً لهما عليه، وقوة لهما وسلطاناً كاسراً له ﴿اذهبآ إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى﴾ أي تجبَّر وتكبَّر وبلغ النهاية في العتُو والطغيان ﴿فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً﴾ أي قولا لفرعون قولاً لطيفاً رفيقاً ﴿لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى﴾ أي لعله يتذكر عظمة الله أو يخاف عقابه فيرتدع عن طغيانه {قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن