أَصْحَابُ الصراط السوي} أي فستعلمون عن قريب من هم أصحاب الطريق المستقيم هل نحن أم أنتم؟ ﴿وَمَنِ اهتدى﴾ أي اهتدى إلى الحق وسبيل الرشاد ومن بقي على الضلال قال القرطبي: وفي هذا ضربٌ من الوعيد والتخويف والتهديد ختمت به السورة الكريمة.
البَلاَغَة: تضمنت الآيات الكريمة من وجوه الفصاحة والبيان والبديع ما يلي:
١ - التشبيه ﴿كذلك نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ وهو تشبيه مرسل مجمل.
٢ - الاستعارة ﴿وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ القيامة حِمْلاً﴾ شبَّه الوزر بالحمل الثقيل بطريق الاستعارة التصريحية.
٣ - الكناية ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ كناية عن أمر الدنيا وأمر الآخرة.
٤ - الطباق بين ﴿أعمى.. بَصِيراً﴾.
٥ - التشبيه التمثيلي ﴿زَهْرَةَ الحياة الدنيا﴾ مثَّل لنعم الدنيا بالزهر وهو النور لأن الزهر له منظر حسن ثم يذبل ويضمحل وكذلك نعيم الدنيا.
٦ - الوعيد والتهديد ﴿فَتَرَبَّصُواْ﴾.
٧ - جناس الاشتقاق ﴿أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً﴾.
٨ - السجع اللطيف غير المتكلف مثل ﴿ظُلْماً، هَضْماً، عِلْماً،﴾ ومثل ﴿تشقى، تعرى، ترضى﴾ الخ....
لطيفَة: قال الناصر: في الآية سرٌ بديع من البلاغة يسمى قطع النظير عن النظر، وذلك أنه قطع الظمأ عن الجوع، والضحو عن الكسوة مع ما بينهما من التناسب، الغرض من ذلك تحقيق تعداد هذه النعم وتصنيفها، ولو قرن كلاً بشكله لتوهم أن المعدودات نعمة واحدة، على أن في الآية سراً آخر وهو قصد تناسب الفواصل، ولو قرن الظمأ بالجوع لانتثر سلك رءوس الآي.
فَائِدَة: قال الشهاب: ليس المراد بحكاية قول من قال ﴿عَشْراً﴾ أو ﴿يَوْماً﴾ أو ﴿سَاعَةً﴾ حقيقة اختلافهم في مدة اللبث، ولا الشك في تعيينه، بل المراد أنه لسرعة زواله عبرَّر عن قلته بما ذكر، فتفنن في الحكاية وأُتى في كل مقام بما يليق به.