ما كان مما لا يكاد يتصوره الإِنسان لأنه فوق الوصف والبيان.
البَلاَغَة: تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - التنكير للتفخيم ﴿سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا﴾ أي هذه سورة عظيمة الشأن، جليلة القدر أنزلها الله.
٢ - الإِطناب بتكرير لفظ ﴿أَنزَلْنَا﴾ في قوله ﴿وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ لإِبراز كمال العناية بشأنها، وهو من باب ذكر الخاص بعد العام للعناية والاهتمام.
٣ - الاستعارة ﴿يَرْمُونَ المحصنات﴾ أصل الرمي القذفُ بالحجارة أو بشيء صلب ثم استعير للقذف باللسان لأنه يشبه الأذى الحسّي ففيه استعارة لطيفة.
٤ - التهييج والإِلهاب ﴿إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ﴾ كقولهم إن كنت رجلاً فاقدم.
٥ - صيغة المبالغة ﴿غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ و ﴿تَوَّابٌ حَكِيمٌ﴾ فإن «فعول، وفعّال، وفعيل» من سيغ المبالغة وكلها تفيد بلوغ النهاية في هذه الصفات.
٦ - الطباق بين ﴿الصادقين﴾ و ﴿الكاذبين﴾.
٧ - حذف جواب ﴿لَوْلاَ﴾ للتهويل في ﴿وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾ وذلك حتى يذهب الوهم في تقديره كل مذهب فيكون أبلغ في البيان وأبعد في التهويل والزجر.
٨ - الطباق ﴿لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ وكذلك ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ الله عَظِيمٌ﴾ فقد طابق بين الشر والخير، وبين الهيّن والعظيم.
٩ - الالتفات من الخطاب إلى الغيبة ﴿لولا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المؤمنون﴾ والأصل أن يقال ظننتم وإنما عدل عنه مبالغة في التوبيخ وإشعاراً بأن الإيمان يقتضي ظنَّ الخير بالمؤمنين.
١٠ - التحضيض ﴿لَّوْلاَ جَآءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ﴾ أي هلاَّ جاءوا وغرضُه التوبيخ واللوم.
١١ - التعجب ﴿سُبْحَانَكَ هذا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ ففيه تعجب ممن يقول ذلك والأصل في ذكر هذه الكلمة ﴿سُبْحَانَكَ﴾ أن يُسبح الله تعالى عند رؤية العجيب من صنائعه، تنزيهاً له من أن يخرج مثله عن قدرته ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه.
فَائِدَة: لماذا بدأ الله في الزنى بالمرأة، وفي السرقة بالرجل؟ والجواب أن الزنى من المرأة أقبح، وجرمه أشنع فبدأ بها، وأما لاسرقة فالرجل عليها أجرأ وهو عليها أقدر ولذلك بدأ به ﴿والسارق والسارقة فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا﴾.
تنبيه: في التعبير بالإِحصان ﴿والذين يَرْمُونَ المحصنات﴾ إشارة دقيقة إلى أنَّ قذف العفيف من الرجال أو النساء موجب لحدِّ القذف، وأما إذا كان الشخص معروفاً بفجوره أو اشتهر بالاستهتار والمجون فلا حدَّ على قاذفه، لأنه لا كرامة للفاسق الماجن. فتدبر السر الدقيق.
لطيفَة: لماذا عدل عن قوله ﴿تَوَّابٌ رَّحِيمٌ﴾ إلى قوله ﴿تَوَّابٌ حَكِيمٌ﴾ كه م تلرجكو نمتسب تلنزبو؟ والجواب أن الله عَزَّ وَجَلَّ أراد الستر على العباد بتشريع اللعان بين الزوجين، فلو لم يكن اللعان مشروعاً لوجب على الزوج حدُّ القذف مع أن الظاهر صدقه، ولو اكتفى بلعانه لوجب على الزوجة حدُّ الزنى، فكان من الحكمة وحسن النظر لهما جميعاص أن شرع هذا الحكم، ودرأ عنهما


الصفحة التالية
Icon