اللغَة: ﴿الحلم﴾ : الاحتلام في المنام قال في القاموس: الحلم: الرؤيا جمعه أحلام، والحُلم والاحتلام: الجماع في النوم وقال الراغب: هو زمان البلوغ سمي به لكون صاحبه جديراً بالحلم أي الأناة وضبط النفس ﴿القواعد﴾ جمع قاعد بغير تاء لأنه خاصٌ بالنساء كحائض وطامث وهي المرأة التي قعدت عن الزواج وعن الولد ﴿أَشْتَاتاً﴾ متفرقين جمع شتّ وهو الافتراق، والشتاتُ: الفرقة ﴿يَتَسَلَّلُونَ﴾ التسلل: الخروج خفية يقال: انسلَّ وتسلل إذا خرج مستتراً بطريق الخفية ﴿لِوَاذاً﴾ اللواذ: أن يستتر بشيء مخافة من يراه.
سَبَبُ النّزول: روي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعث غلاماً من الأنصار يقال له: مُدْلج إلى عمر بن الخطاب وقت الظهيرة ليدعوه فوجده نائماً، فدقَّّ عليه الغلام الباب ودخل، فاستيقظ عمر وجلس فانكشف منه شيء فقال: وددت أنَّ الله نهى أبناءنا ونساءنا وخدمنا عن الدخول في هذه الساعات إلا بإذن، ثم انطلق إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فوجد الآية قد أنزلت ﴿ياأيها الذينءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ الذين مَلَكَتْ أيمانكم..﴾ فخرَّ ساجداً شكراً الله تعالى.
التفسِير: ﴿وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمُْ﴾ أي حلف المنافقون بغاية الأيمان المغلَّظة ﴿لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ﴾ أي لئن أمرتهم بالخروج إلى الجهاد ليخرجن معك قال مقاتل: لما بيَّن الله إعراض المنافقين وامتناعهم عن قبول حكمه عليه السلام أتوه فقالوا: لو أمرتنا أن نخرج من ديارنا وأموالنا ونسائنا لخرجنا، وإن أمرتنا بالجهاد لجاهدنا فنزلت ﴿قُل لاَّ تُقْسِمُواْ﴾ أي لا تحلفوا فإن أيمانكم كاذبة ﴿طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ﴾ أي طاعتُكم لله ورسوله معروفة فإنها باللسان دون القلب، وبالقول دون العمل ﴿إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ أي بصير لا يخفى عله شيء من خفاياكم ونواياكم ﴿قُلْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول﴾ أي أطيعوا الله بإخلاص النية وترك النفاق، وأطيعوا الرسول الاستجابة لأمره والتمسّك بهديه ﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ﴾ أي فإن تتولَّوْا وتعرضوا عن طاعته ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ﴾ أي على الرسولما كلف به من تبليغ الرسالة ﴿وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ﴾ أي وعليكم ما كلفتم به من السمع والطاعة واتباع أمره عليه السلام ﴿وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ﴾ أي وإن أطعتم أمره فقد اهتديتم إلى طريق السعادة والفلاح ﴿وَمَا عَلَى الرسول إِلاَّ البلاغ المبين﴾ أي ليس عليه إلا التبليغ الواضح للأمة، ولا ضرر عيه إن خالفتم وعصيتم فإنه قد بلَّغ الرسالة وأدى الأمانة ﴿وَعَدَ الله الذين آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصالحات﴾ أي وعد الله المؤمنين المخلصين الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض كَمَا استخلف الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ أي وعدهم بميراث الأرض وأن يجعلهم فيها خلفاء متصرفين فيها تصرف الملوك في ممالكهم، كما استخلف المؤمنين قبلهم فملكهم ديار الكفار قال المفسرون: لما قدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وأصحابه المدينة رمتهم العرب عن قوسٍ واحدة، فكانوا لا يبتون إلا في السلاح، ولا يصبحون إلاّ في لأمتهم - أي سلاحهم - فقالوا أترون أنّا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلاّ الله عَزَّ وَجَلَّ!! فنزلت الآية، وهذا وعدٌ ظهر صدقُه بفتح مشارق الأض ومغاربها


الصفحة التالية
Icon