الكفّ على الصدر، وقيل: الوكز في الصدر، واللكزُ في الظهر، وجمع الكف: الكف المقوضةُ الأصابع ﴿ظَهِيراً﴾ عوناً ﴿يَسْتَصْرِخُهُ﴾ يستغيثه والاستصراخ الاستغاثة وهو من الصراخ لأن المستغيث يصرخ ويرفع صوته طلباً للغوث قال الشاعر:
كنا إذا ما أتانا صارخ فرعٌ | كان الصراخ له قرع الظنابيب |
التفسِير: ﴿طسم﴾ الحروف المقطعة للتنبيه على إعجاز القرآن الكريم، والإِشارة إلى أن هذا الكتاب المعجز في فصاحته وبيانه مركبٌ من أمثال هذه الحروف الهجائية ﴿تِلْكَ آيَاتُ الكتاب المبين﴾ أي هذه آيات القرآن الواضح الجلي، الظاهر في إعجازه، الواضح في تشريعه وأحكامه ﴿نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ موسى وَفِرْعَوْنَ بالحق﴾ أي نقرأ عليك يا محمد بواسطةالروح الأمين من الأخبار الهامة عن موسى وفرعون من الحق الذي لا يأتيه الباطل، والصدق الذي لا ريب فيه ولا كذب ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أي لقومٍيصدقون بالقرآن فينتفعون.. ثم بدأ بذكر قصة فرعون الطاغية فقال ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأرض﴾ أي استكبر وتجبَّر، وجاوز الحد في الطغيان في أرض مصر ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً﴾ أيجعل أهلها فرقاً وأصنافاً في استخدامه وطاعته ﴿يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ﴾ أي يستعبد ويستذل فريقاً منهم وهم بنوا إسرائيل فيسومهم سوء العذاب ﴿يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ﴾ أي يقتّل أبناءهم الذكور ويترك الإِناث على قيد الحياة لخدمته وخدمة الأقباط قال المفسرون: سبب تقتيله الذكور أن فرعون رأى في منامه أن ناراً عظيمةً أقبلت من بيت المقدس وجاءت إلى أرض مصر فأحرقت القبط دون بني إسرائيل، فسأل عن ذلك المنجمين والكهنة، فقالوا له: إن مولوداً يولد في بني إسرائيل، يذهب ملكك على يديه، ويكون هلاكك بسببه فأمر أن يقتل كل ذكر من أولاد بني إسرائيل ﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ المفسدين﴾ أي من الراسخين في الفساد، المتجبرين في الأرض، ولذلك ادعى الربوبية وأمعن في القتل وإذلال العباد ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذين استضعفوا فِي الأرض﴾ أي ونريد برحمتنا أن نتفضل وننعم على المستضعفين من بني إسرائيل فننجيهم من بأس فرعون وطغيانه ﴿وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً﴾ أي ونجعلهم أئمة يقتدى بهم في الخير بعد أن كانوا أذلاء مسخرين قال ابن عباس: ﴿أَئِمَّةً﴾ قادة في الخير، وقال قتادة: ولاةً وملوكاً ﴿وَنَجْعَلَهُمُ الوارثين﴾ أي ونجعل هؤلاء الضعفاء وارثين لملك فرعون وقومه، يرثون ملكهم ويسكنون مساكنهم بعد أن كان القبط أسياد مصر وأعزتها ﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرض﴾ أي ونملكهم بلاد مصر والشام يتصرفون فيها كيف يشاءون قال البيضاوي: أصل التمكين أن تجعل للشيء مكاناً يتمكن فيه ثم استعيد للتسليط وإطلاق الأمر ﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ﴾ أي ونري فرعون الطاغية، ووزيره «هامان» والأقباط من أولئك المستضعفين ما كانوا يخافونه من ذهاب ملكهم وهلاكهم على يد مولودٍ من بني إسرائيل {وَأَوْحَيْنَآ