أَمْرِهِ} أي لا يعجزه تعلاى شيء ﴿ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أي لا يعلمون لطائف صنعه وخفايا فضله ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ أي بلغ منتهى شدته وقوته وهو ثلاثون سنة ﴿آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً﴾ أي أعطيناه حكمةً وفقهاً في الدين ﴿وكذلك نَجْزِي المحسنين﴾ أي المحسنين في أعمالهم.
البَلاَغَة: ١ - ﴿تِلْكَ آيَاتُ﴾ الاشارة بالبعيد لبعد مرتبته في الكمال وعلو شأنه.
٢ - ﴿كَمَآ أَتَمَّهَآ على أَبَوَيْكَ﴾ تشبيه مرسل مجمل.
٣ - ﴿رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً والشمس والقمر﴾ قال الشريف الرضي: هذه استعارة لأن الكواكب والشمس والقمر مما لا يعقل فكان الوجه أن يقال: ساجدة، ولكنها لما أطلق عليها فعل من يعقل جاز أن توصف بصفة من يعقل لأن السجود من فعل العقلاء.
٤ - ﴿بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ الدم لا يوصف بالكذب والمراد بدم مكذوبٍ فيه أو دمٍ ذي كذب وجيء بالمصدر على طريق المبالغة.
لطيفَة: روي أن امرأةً تحاكمت إلى شريحٍ فبكت فقال الشعبي: يا أبا أمية أما تراها تبكي؟ فقال الشعبي: لقد جاء إخوة يوسف يبكون وهم ظلمةٌ كذبة، لا ينبغي للإنسان أن يقضي إلا بالحق.
تنبيه: ذهب بعض المفسرين إلى أن إخوة يوسف أنبياء واستدلوا على ذلك بأنهم الأسباط المذكورون في قوله تعالى ﴿قُلْ آمَنَّا بالله وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ على إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ والأسباط﴾ [آل عمران: ٨٤] والصحيح أن الأسباط ليسوا أولاد يعقوب وإنما هم القبائل من ذرية يعقوب كما نبّه عليه المحققون، ولو كان إخوة يوسف أنبياء لما أقدموا على مثل هذه الأفعال الشنيعة، فالحسد، والسعي بالفساد، والإقدام على القتل، والكذبُ، وإلقاء يوسف في الجب، كل ذلك من الكبائر التي تنافي عصمة الأنبياء، فالقول بأنهم أنبياء - مع هذه الجرائم - لا يقبله عقل حصيف، وانظر ما قاله العلامة ابن كثير رَحِمَهُ اللَّهُ في هذا الشأن، فإِنه لطيف ودقيق.