وعده بالثواب والعقاب، والبعث والجزاء حقٌ لا يتخلف ﴿فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحياة الدنيا﴾ أي لا تخدعكم الحياة الدنيا بمفاتنها ولذاتها فتركنوا إِليها ﴿وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بالله الغرور﴾ أي ولا يخدعنكم الشيطان الماكر الذي يغر الخلق ويمنيهم بأباطيله ويلهيهم عن الآخرة ﴿إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة﴾ هذه هي مفاتح الغيب التي اختص الله بعلمها وهي خمس كما جاء في الحديث الصحيح «مفاتح الغيب خمسٌ لا يعلمهن إِلا الله وتلا الآية» أي عنده تعالى معرفة وقت قيام الساعة التي تقوم فيها القيامة ﴿وَيُنَزِّلُ الغيث﴾ أي وعنده معرفة وقت نزول المطر ومحل نزوله ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرحام﴾ أي من ذكرٍ أو أنثى، شقي أو سعيد ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً﴾ أي ما يدري أحد ماذا يحدث له في غد، وماذا يفعل من خير أو شر ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ أي ما يدري أحدٌ أين يموت، ولا في أي مكانٍ يُقبر ﴿إِنَّ الله عَلَيمٌ خَبِيرٌ﴾ أي مبالغ في العلم، يعلم كل الأمور، خبير بظواهر الأشياء وبواطنها.
البَلاَغَة: تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - الطباق بين قوله ﴿ظَاهِرَةً.. وَبَاطِنَةً﴾ وكذلك بين لفظ ﴿الحق.. والباطل﴾.
٢ - الإِنكار والتوبيخ مع الحذف ﴿أَوَلَوْ كَانَ الشيطان يَدْعُوهُمْ﴾ أي أيتبعونهم ولو كان الشيطان الخ.
٣ - المجاز المرسل ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ﴾ أطلق الجزء وأراد الكل ففيه مجاز مرسل.
٤ - التشبيه التمثيلي ﴿فَقَدِ استمسك بالعروة الوثقى﴾ شبه من تمسك بالإِسلام بمن أراد أن يرقى إِلى شاهق جبل فتمسك بأوثق جبل، وحذف أداة التشبيه للمبالغة.
٥ - المقابلة بين ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى الله وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ وبين ﴿وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ﴾ الآية.
٦ - الاستعارة ﴿عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ استعار الغلظ للشدة لأنه إِنما يكون للاجرام فاستعير للمعنى.
٧ - تقديم ما حقه التأخير لإِفادة الحصر ﴿وإلى الله عَاقِبَةُ الأمور﴾ أي إليه لا إلى غيره.
٨ - صيغ المبالغة في التالي ﴿صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ و ﴿خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ و ﴿عَلَيمٌ خَبِيرٌ﴾ و ﴿سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ كما أنَّ فيها توافق الفواصل وهو من المحسنات البديعية ويسمى بالسجع.