صلّى الله عليه وسلم ﴿فَلاَ تَخْضَعْنَ بالقول﴾ أي فلا ترققن الكلام عند مخاطبة الرجال ﴿فَيَطْمَعَ الذي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ أي فيطمع مَن كان في قلبهه فجور وريبة، وحبٌ لمحادثة النساء ﴿وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً﴾ أي وقلن قولاً حسناً عفيفاً لا ريبة فيه، ولا لين ولا تكسر عند مخاطبتكنَّ للرجال قال ابن كثير: ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلامٍ ليس فيه ترخيم، ولا تخاطب الأجنبيَّ كما تخاطب زوجها ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ أي الزَمْنَ بيوتكنَّ ولا تخرجنن لغير حاجة، ولا تفعلن كما تفعل الغافلات، المتسكعات في الطرقات لغير ضرورة ﴿وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهلية الأولى﴾ أي لا تظهرن زينتكن ومحاسنكنَّ للأجانب مثل ما كان نساء الجاهلية يفعلن، حيث كانت تخرج المرأة إِلى الأسوق مظهرةً لمحاسنها، كاشفة ما لا يليق كشفه من بدنها، قال قتادة: كانت لهن مشية فيها تكسُّرٌ وتغنج فنهى الله تعالى عن ذلك ﴿وَأَقِمْنَ الصلاة وَآتِينَ الزكاة﴾ أي حافظن على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، قال ابن كثير: نهاهنَّ أولاً عن الشر، ثم أمرهن بالخير، من إقامة الصلاة وهي عبادة الله وحده، وإيتاء الزكاة وهي الإِحسان إلى المخلوقين ﴿وَأَطِعْنَ الله وَرَسُولَهُ﴾ أي أطعن الله ورسوله في جميع الأوامر والنواهي لتنلن مرتبة المتقيات ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس﴾ أي إنما يريد الله أن يخلصكنَّ من دنس المعاصي، ويطهركنَّ من الآثام، التي يتندس بها عِرض الإِنسان كما يتلوث بدنه بالنجاسات ﴿أَهْلَ البيت﴾ أي يا أهل بيت النبوة ﴿وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ أي ويطهركم من أوضار الذنوب المعاصي تطهيراً بليغاً ﴿واذكرن مَا يتلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله والحكمة﴾ أي وأقرأن آيات القرآن، وسنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فإن فيهما الفلاح والنجاح، قال الزمخشري: ذكّرهن أن بيوتهن مهابط الوحي، وأمرهنَّ ألاّ ينسين ما يُتلى فيها من الكتاب الجامع بين أمرين: آيات بينات تدل على صدق النبوة، وحكمة وعلوم وشرائع سماوية ﴿إِنَّ الله كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً﴾ أي عالماً بما يصلح لأمر العباد، خبيراً بمصالحهم ولذلك شرع للنا ما يُسعدهم في دنياهم وآخرتهم، ثم أخبر تعالى أن المرأة والرجل في الجزاء والثواب سواء فقال: ﴿إِنَّ المسلمين والمسلمات﴾ هم المتمسكون بأوامر الإِسلام المتخلقون بأخلاقه رجالاً ونساءً ﴿والمؤمنين والمؤمنات﴾ أي المصدِّقين بالله وآياته، وما أُنزل على رسله وأنبيائه ﴿والقانتين والقانتات﴾ أي العابدين الطائعين، المداومين على الطاعة ﴿والصادقين والصادقات﴾ أي الصادقين في إيمانهم، ونياتهم، وأقوالهم، وأعمالهم ﴿والصابرين والصابرات﴾ أي الصابرين على الطاعات وعن الشهوات في المكروه والمنشط ﴿والخاشعين والخاشعات﴾ أي الخاضعين الخائفين من الله جل وعلا، المتواضعين له بقلوبهم وجوارحهم ﴿والمتصدقين والمتصدقات﴾ أي المتصدقين بأموالهم على


الصفحة التالية
Icon