أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} أي ولو أعجبك جمال غيرهن من النساء ﴿إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ أي إلا ما كان من الجواري والإماء فلا بأس في ذلك لأنهن لسن زوجات ﴿وَكَانَ الله على كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً﴾ أي مطلعاً على أعمالكم شاهداً عليها، وفيه تحذير من مجاوزة حدوده، وتخطي حلاله وحرامه. قال المفسرون: أباح الله لرسوله أصنافاً أربعة «اللمهورات، المملوكات، المهاجرات، الواهبات أنفسهن» توسعة عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وتيسيراً له في نشر الرسالة وتبليغ الدعوة، ولما نزلت آية التخيير ﴿قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحياة الدنيا..﴾ [الأحزاب: ٢٨] الآية، وخيَّرهن عليه السلام، واخترن الله ورسوله والدار الآخرة، أكرمهن الله تعالى بأن قصره عليهن، وحرَّم عليه أن يتزوج بغيرهن.
البَلاَغَة: تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - التنكير لإِفادة العموم ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ﴾ لأن النكرة في سياق النفي تفيد العموم، أي ليس لواحدٍ منهم أن يريد غير ما أراد الله ورسوله.
٢ - الطباق بين ﴿تُخْفِي.. مُبْدِيهِ﴾ وبين ﴿الظلمات.. و.. النور﴾ وبين ﴿مُبَشِّراً.. و.. نَذِيراً﴾ وهو من المحسنات البديعية.
٣ - جناس الإشتقاق ﴿قَدَراً مَّقْدُوراً﴾.
٤ - طباق السلب ﴿وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً﴾.
٥ - التشبيه البليغ ﴿وَسِرَاجاً مُّنِيراً﴾ أصل التشبيه: أنت يا محمد كالسراج الوضاء في الهداية والإرشاد، حذفت منه أداة التشبيه ووجه الشبه فأصبح بليغاً على حد قولهم: علي أسدٌ، ومحمدٌ قمر.
٦ - الكناية ﴿مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ﴾ كنَّى عن الجماع بالمسِّ وهي من الكنايات المشهورة ومن الآداب القرآنية الحميدة لأن القرآن يتحاشى الألفاظ البذيئة.
٧ - الطباق بين ﴿بُكْرَةً.. و.. أَصِيلاً﴾ وبين ﴿تُرْجِي.. و.. تؤوي﴾ وبين ﴿ابتغيت.. و.. عَزَلْتَ﴾.
٨ - توافق الفواصل ممّا يزيد في الجمال والإِيقاع علىلسمع مثل ﴿وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً.. وَسِرَاجاً مُّنِيراً﴾ ومثل ﴿سَرَاحاً جَمِيلاً.. عَلِيماً حَلِيماً.. غَفُوراً رَّحِيماً﴾ وهذا من خصائق القرآن العظيم، وهو من المحسنات البديعية.


الصفحة التالية
Icon