أقوى الأدلة على أن الله منجزٌ وعده لرسوله عليه السلام ﴿والله يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾ أي ليس يتعقب حكمه أحد بنقصٍ ولا تغيير ﴿وَهُوَ سَرِيعُ الحساب﴾ أي سريع الانتقام ممن عصاه ﴿وَقَدْ مَكَرَ الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ أي مكر الكفار الذين خَلَوْا بأنبيائهم كما مكر كفار قريش بك ﴿فَلِلَّهِ المكر جَمِيعاً﴾ أي له تعالى أسباب المكر جميعاً لا يضر مكرهم إلا بإرادته، فهو يوصل إليهم العذاب من حيث لا يعلمون ﴿يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ﴾ أي من خير وشر فيجازي عليه ﴿وَسَيَعْلَمُ الكفار لِمَنْ عُقْبَى الدار﴾ أي لمن تكون العاقبة الحسنة في الآخرة ﴿وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً﴾ أي يقول كفار مكة لستَ يا محمد مرسلاً من عند الله ﴿قُلْ كفى بالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ أي حسبي شهادة الله بصدقي بما أيدني من المعجزات ﴿وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب﴾ أي وشهادة المؤمنين من علماء أهل الكتاب.
البَلاَغَة: في الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي:
١ - التشبيه في قوله ﴿كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ﴾ [الرعد: ٣٠] وفي ﴿وكذلك أَنزَلْنَاهُ﴾ ويسمى مرسلاً مجملاً.
٢ - الإِيجاز بالحذف في ﴿أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا﴾ أي وظلها دائم حذف منه الخبر بدليل السابق.
٣ - المقابلة في ﴿تِلْكَ عقبى الذين اتقوا وَّعُقْبَى الكافرين النار﴾ وهو من المحسنات البديعية.
٤ - جناس الاشتقاق في ﴿أَرْسَلْنَا رُسُلاً﴾.
٥ - الطباق في ﴿يَمْحُواْ.... وَيُثْبِتُ﴾.
٦ - القصر في ﴿إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله﴾ وفي ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ﴾ وكلاهما قصرٌ إضافي من باب قصر الموصوف على الصفة أي ليس لك من الصفات إلا صفة التبليغ.
٧ - التهييج والإِلهاب ﴿وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَاءَهُم﴾.
٨ - المجاز المرسل في ﴿نَأْتِي الأرض﴾ أي يأتيها أمرنا وعذابنا.
لطيفَة: فسَّر بعضهم قوله تعالى ﴿نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ أن نقصانها بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير والصلاح، وهذا مرويٌ عن مجاهد وابن عباس في رواية عنه وأنشد بعضهم:
الأرضُ تحيا إذا ما عاشَ عالمِها... متى يمُتْ عالمٌ منها يمتْ طَرَفُ
كالأرض تحيا إذا ما الغيثُ حلَّ بها... وإن أبى عادَ في أكنافها التَّلَفُ


الصفحة التالية
Icon