على أربع قال الزمخشري: لم يخلق تعالى حيواناً أحسن صورةً من الإِنسان، وهذه مثل قوله تعالى
﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: ٤] ﴿وَرَزَقَكُمْ مِّنَ الطيبات﴾ أي ورزقكم من أنواع اللذائذ ﴿ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ﴾ أي ذلكم الفاعل لهذه الأشياء والمنعم بهذه النعم هو ربكم لا إله إلا هو ﴿فَتَبَارَكَ الله رَبُّ العالمين﴾ أي فتعالى وتمجَّد وتقدس ربُّ جميع المخلوقات الذي لا تصلح الربوبية إلاَّ له ﴿هُوَ الحي لاَ إله إِلاَّ هُوَ﴾ أي هو تعالى المتفرد بالحياة الذاتية الحقيقة، الباقي الذي لا يموت، لا إله سواه ﴿فادعوه مُخْلِصِينَ لَهُ الدين﴾ أي فاعبدوه وحده مخلصين له العبادة والطاعة ظاهراً وباطناً قائلين ﴿الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين﴾ أي الثناء والشكر لله مالك جميع المخلوقات، لا للأوثان الي لا تملك شيئاً، ولما بيَّن صفات الجلال والعظمة، نهى عن عبادة غير الله فقال ﴿قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله﴾ أي قل يا محمد إن ربي العظيم الجليل نهاني أن أعبد هذه الآلهة التي تعبدونها من الأوثان والأصنام قال الصاوي: أمر تعالى نبيه أن يخاطب قومه بذلك زجراً له، حيث استمروا على عبادة غير الله، بعد ظهور الأدلة العقلية والنقلية ﴿لَمَّا جَآءَنِيَ البينات مِن رَّبِّي﴾ أي حين جاءتني الآيات الواضحات من عنده، الدالة على وحدانيته قال الرازي: والبيناتُ هي أن إله العالم قد ثبت كونه موصوفاً بصفات الجلال والعظمة، وصريح العقل يشهد بأن العبادة لا تليق إلا به، وأن جعل الحجارة المنحوتة والأخشاب المصورة، شركاء له في المعبودية مستنكرٌ في بديهة العقل ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ العالمين﴾ أي وأمرت أن أذل وأخضع لله وحده، وأن أخلص له ديني، وأطهّر نفسي من عبادة غيره.


الصفحة التالية
Icon