خيرٍ أو شر ﴿وَيَسْتَجِيبُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات﴾ أي ويستجيب الله دعاء المؤمنين الصالحين قال الرازي: أي ويستجيبُ اللهُ للمؤمنين إلاَّ أنه حذف اللام كما حذف في قوله ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ﴾ [المطفيين: ٣] أي كالوا لهم ﴿وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ﴾ أي ويزيدهم من جوده وكرمه فوق ما سألوا واستحقوا لأنه الجواد الكريم، البرُّ الرحيم ﴿والكافرون لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ أي وأما الكافرون بالله فلهم العذاب الموجع الأليم في دار الجحيم ﴿وَلَوْ بَسَطَ الله الرزق لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي الأرض﴾ أي ولو وسَّع الله الرزق على عباده لطغوا وبغَوْا وأفسدوا في الأرض بالمعاصي والآثام، لأن الغني والطغيان من بعضهم على بعض أشراً وبطراً، وقال قتادة: خير العيش مالا يُلهيك ولا يُطغيك ﴿ولكن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ﴾ أي ولكنه تعالى يُنزّل أرزاق العباد بما تقتضيه الحكمة المصلحة كما جاء في الحديث القدسي «إنَّ من عبادي من لا يصلُحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه، وإِن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه» ﴿إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ أي عالم بأحوالهم وما يصلحهم، فيعطي ويمنع، ويبسط ويقبض، حسبما تقتضيه الحكمة الربانية ﴿وَهُوَ الذي يُنَزِّلُ الغيث مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ﴾ تعديدٌ لنعمه على العباد أي هو تعالى الذي ينزّل المطر، الذي يغيثهم من الجدب، من بعد ما يئسوا من نزوله ﴿وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ﴾ أي ويبسط خيراته وبركاته على العباد ﴿وَهُوَ الولي الحميد﴾ أي وهو الوليُّ الذي يتولى عباده، المحمود بكل لسان على ما أسدى من النعماء ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السماوات والأرض﴾ أي ومن دلائل قدرته، وعجائب حكمته، الدالة على وحدانيته، خلقُ السموات والأرض بهذا الشكل البديع ﴿وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ﴾ أي وما نشر وفرَّق في المسوات والأرض من مخلوقات قال ابن كثير: وهذا يشمل الملائكة والإِنس والجن، وسائر الحيوانات على اختلاف أشكالهم وألوانهم وأجناسهم وأنواعهم وقال مجاهد: هم الناسُ والملائكة ﴿وَهُوَ على جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ﴾ أي وهو تعالى قادر على جمع الخلائق للحشر والحساب والجزاء، في أيِّ وقتٍ شاء ﴿وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ أي وما أصابكم أيها الناس مصيبة من المصائب في النفس أو المال فإنما هي بسبب معاصيكم التي اكتسبتموها قال الجلال: وعبَّر بالأيدي لأن أكثر الأفعال تُزاول بها ﴿وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ﴾ لهلكتم وفي الحديث
«لا يصيب ابن آدم وخدش عود، أو عثرة قدمٍ، ولا اختلاجُ عرقٍ إلا بذنبٍ، وما يعفه عنه أكثر» ﴿وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرض﴾ أي ولستم أيها المشركون فائتين من عذاب الله، ولا هاربين من قضائه، وإِن هربتم من أقطارها كل مهرب {وَمَا لَكُمْ


الصفحة التالية
Icon