وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} أي وما أنت يا محمد بمسلَّط عليهم تجبرهم على الإِسلام، إِنما بعثت مذكّر ﴿فَذَكِّرْ بالقرآن مَن يَخَافُ وَعِيدِ﴾ أي عظْ بهذا القرآن من يخاف وعيدي.
. ختم السورة الكريمة بالتذكير بالقرآن كما افتتحها بالقسم بالقرآن ليتناسق البدء مع الختام:
البَلاَغَة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيا يلي:
١ - الإِظهار في موطن الإِضمار ﴿فَقَالَ الكافرون﴾ [ق: ٢] يدل فقالوا للتسجيل عليهم بالكفر.
٢ - الاستفهام الإِنكار لاستبعاد البعث ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً﴾ [ق: ٢] ؟
٣ - الإِضراب عن السابق لبيان ما هو أفضع وأشنع من التعجب ﴿بَلْ كَذَّبُواْ بالحق﴾ [ق: ٥] وهو التكذيب بآيات الله وبرسوله المؤيد بالمعجزات.
٤ - التشبيه المرسل المجمل ﴿كَذَلِكَ الخروج﴾ [ق: ١١] شبَّه إِحياء الموتى بإِخراج النبات من الأرض الميتة.
٥ - الاسعتارة التمثيلية ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد﴾ [ق: ١٦] مثَّل علمه تعالى بأحوال العبد، وبخطرات النفس، بحبل الوريد القريب من القلب، وهو تمثلٌ للقرب بطريق الاستعارة كقول العرب: هو مني مقعد القابلة، وهو مني معقد الإِزار.
٦ - الحذف بالإِيجاز ﴿عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال قَعِيدٌ﴾ [ق: ١٧] أصله عن اليمين قعيدٌ، وعن الشمال قعيد، فحذف من الأول لدلالة الثاني عليه، وبين اليمين والشمال طباقٌ وهو من المحسنات الديعية.
٧ - الاستعارة التصريحية ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ﴾ [ق: ١٩] استعار لفظ السَّكرة للهول والشدة التي يلقاها المحتضر عن وفاته.
٨ - الجناس الناقص بين ﴿عَنِيدٍ﴾ و ﴿عَتِيدٌ﴾ لتغاير حرفيْ النون والتاء.
٩ - الطباق بين ﴿نُحْيِي﴾ و ﴿نُمِيتُ﴾.
١٠ - توافق الفواصل والسجع اللطيف غير المتكلف مثل ﴿ذَلِكَ يَوْمُ الوعيد﴾ [ق: ٢٠] ﴿وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ [ق: ٢١] ﴿فَبَصَرُكَ اليوم حَدِيدٌ﴾ ومثل ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا المصير.. ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ﴾ الخ وهو من المحسنات البديعية، لما فيه من جميل الوقع على السمع.


الصفحة التالية
Icon