سبحانه بالنجوم إذا انقضَّت في إِثر الشياطين حين استراقها السمع وقال الحسن: المراد في الآية النجوم إِذا انتثرت يوم القيامة كقوله ﴿وَإِذَا الكواكب انتثرت﴾ [الإنفطار: ٢] قال ابن كثير: الخالق يُقسم بِما شاء من خلقه، والمخلوق لا ينبغي أن يُقسم إِلا بالخالق ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ﴾ أي ما ضلَّ محمدٌ عن طريق الهداية، ولا حاد عن نهج الاستقامة ﴿وَمَا غوى﴾ أي وما اعتقد باطلاً قط بل هو في غاية الهدى والرشد قال أبو السعود: والخطاب لكفار قريش، والتعبير بلفظ ﴿صَاحِبُكُمْ﴾ للإِيذان بوقوفهم على تفاصيل أحواله، فإِن طول صحبتهم له، ومشاهدتهم لمحاسن أوصافه العظيمة مقتضيةٌ ذلك ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى﴾ أي لا يتكلم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن هوى نفسي ورأي شخصي ﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يوحى﴾ أي لا يتكلم إلا عن وحيٍ من الله عزَّ وجل قال البيضاوي: أي ما القرآن إلا وحيٌ يوحيه الله إليه ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ القوى﴾ أي علَّمه القرآن ملكٌ شديدٌ قواه وهو جبريل الأمين قال المفسرون: ومما يدل على شدة قوته أنه قلع قرى قوم لوط وحملها على جناحه حتى بلغ بها السماء ثم قلبها، وصاح بثمود فأصبحوا خامدين، وكان هبوطه بالوحي على الأنبياء أو صعوده في أسرع من رجعه الطرف ﴿ذُو مِرَّةٍ فاستوى﴾ أي ذو حصافة في العقل، وقوةٍ في الجسم، فاستقرَّ جبريل على صورته الحقيقية ﴿وَهُوَ بالأفق الأعلى﴾ أي وهو بأفق السماء حيث تطلع الشمس جهة المشرق قال ابن عباس: المراد بالأفق الأعلى مطلع الشمس قال الخازن: كان جبريل يأتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في وصورة الآدميين كما كان يأتي الأنبياء قبله، ومرة في السماء، فأما التي في الأرض فبالأفق الأعلى أيجانب المشرق حيث كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بحراء فطلع عليه جبريل من ناحية المشرق وفتح جناحيه فسدَّ ما بين المشرق والمغرب، فخرَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مغشياً عليه، فنزل جبريل في صورة الآدميين فضمَّه إلى نفسه وجعل يسمح الغبار عن وجهه وهو قوله ﴿ثُمَّ دَنَا فتدلى﴾ وأما التي في السماء فعند سدرة المنتهى، ولم يره أحدٌ من الأنبياء على صورته الملكية التي خُلق عليها إلا نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ﴿ثُمَّ دَنَا فتدلى﴾ أي ثم اقترب جبريل من محمد وزاد في القرب منه ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أدنى﴾ أي فكان منه على مقدار قوسين أو أقل قال الألوسي: والمراد إِفادة شدة القرب فكأنه قيل: فكان قريباً منه ﴿فأوحى إلى عَبْدِهِ مَآ أوحى﴾ أي فأوحى جبريل إلى عبد الله ورسوله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ما أوحى إليه من أوامر الله عَزَّ وَجَلَّ ﴿مَا كَذَبَ الفؤاد مَا رأى﴾ أي ما كذب قلب محمد ما رآه ببصره من صورة جبريل الحقيقية قال ابن مسعود: رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جبريل في صورته وله ستمائة جناح، كل جناحٍ منهما قد سدَّ الأفق، يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما اللهُ به عليم ﴿أَفَتُمَارُونَهُ على مَا يرى﴾ ؟ أي أفتجادولنه يا معشر المشركين على ما رأى ليلة الإِسراء والمعراج؟ قال في البحر: