عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ} أي يرسل عليكما يوم القيامة لهب النار الحامية ﴿وَنُحَاسٌ﴾ أي ونحاسٌ مذاب يصبُّ فوق رءوسكم قال مجاهد: مجاهد هو الصفر المعروف يصب على رءوسهم يوم القيامة وقال ابن عباس: ﴿نحاسٌ﴾ هو الدخان الذي لا لهب فيه، وقول مجاهد أظهر ﴿فَلاَ تَنتَصِرَانِ﴾ أي فلا ينصر بعضكم بعضاً، ولا يخلصه من عذاب الله قال ابن كثير: ومعنى الآية لو ذهبتم هاربين يوم القيامة لردتكم الملائكةُ وزبانية جهنم، بإِرسال اللهب من النار والنحاس المذاب عليكم لترجعوا فلا تجدون لكم ناصراً ﴿فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ تقدم تفسيره ﴿فَإِذَا انشقت السمآء﴾ أي فإِذا انصدعت يوم القيامة لتنزل الملائكة منها لتحيط بالخلائق من كل جانب ﴿فَكَانَتْ وَرْدَةً كالدهان﴾ أي فكانت مثل الورد الأحمر من حرارة النار، ومثل الأديم الأحمر أي الجلد الأحمر قاله ابن عباس: وذلك من شدة الهول، ومن رهبة ذلك اليوم العظيم ﴿فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ تقدم تفسيره ﴿فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ﴾ أي ففي ذلك اليوم الرهيب يوم تنشق السماء، لا يُسأل أحد من المذنبين من الإِنس والجن عن ذنبه، لأن للمذنب علامات تدل على ذنبه كاسوداد الوجوه، وزرقة العيون قال الإِمام الفخر: لا يُسأل أحد عن ذنبه فلا يقال له: أنتَ المذنب أو غيرك؟ ولا يقال: من المذنب منكم؟ بل يعرفون بسواد وجوههم وغيره ﴿فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ تقدم تفسيره ﴿يُعْرَفُ المجرمون بِسِيمَاهُمْ﴾ أي يُعرف يوم القيامة أهل الإِجرام بعلامات تظهر عليهم وهي ما تغشاهم من الكآبة والحزن قال الحسن: سواد الوجه وزرقة الأعين كقوله تعالى ﴿وَنَحْشُرُ المجرمين يَوْمِئِذٍ زُرْقاً﴾ [طه: ١٠٢] وقوله ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: ١٠٦] ﴿فَيُؤْخَذُ بالنواصي والأقدام﴾ أي فتأخذ الملائكة بنواصيهم أي بشعور مقدم رءوسهم وأقدامهم فيقذفونهم في جهنم قال ابن عباس: يُؤخذ بناصية المجرم وقدميه فيكسر كما يكسر الحطب ثم يلقى في النار ﴿فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ تقدم تفسيره ﴿هذه جَهَنَّمُ التي يُكَذِّبُ بِهَا المجرمون﴾ أي يقال لهم تقريعاً وتوبيخاً: هذه النار التي أخبرتم بها فكذبتم قال ابن كثير: أي هذه النار التي كنتم تكذبون بوجودها، ها هي حاضرةٌ تشاهدونها عياناً ﴿يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ﴾ أي يترددون بين نار جهنم وبين ماءٍ حار بلغ النهاية في الحرارة قال قتادة: يطوفون مرةً بين الحميم، ومرة بين الجحيم، والجحيم النارُ، والحميم الشارب الذي انتهى حره ﴿فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ أي فبأي نعم الله تكذبان يا معشر الإنس والجان؟


الصفحة التالية
Icon