المتحببة إِلى زوجها ﴿سَمُومٍ﴾ ريح حارة تدخل في مسام البدن ﴿يَحْمُومٍ﴾ اليحموم الشديد السواد ﴿الحميم﴾ الماء المغلي ﴿الهيم﴾ الإِبل العطاش التي لا تروى لداء يصيبها.
التفسِير: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الواقعة﴾ أي إِذا قامت القيامة التي لا بد من وقوعها، وحدثت الداهية الطامة التي ينخلع لها قلب الإِنسان، كان من الأهوال ما لا يصفه الخيال قال البيضاوي: سميت واقعة لتحقق وقوعها وقال ابن عباس: الواقعة اسم من أسماء القيامة كالصاخة والآزفة والطامة، وهذه الأشياء تقتضي عظم شأنها ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ أي لا يكون عند وقوعها نفس كاذبة تكذِّب بوقوعها كحال المكذبين اليوم، لأن كل نفسٍ تؤمن حنيئذٍ لأنها ترى العذاب عياناً كقوله تعالى ﴿فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قالوا آمَنَّا بالله وَحْدَهُ﴾ [غافر: ٨٤] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ أي هي خافضة لأقوام رافعةٌ لآخرين، تخفض أعداء الله في النار، وترفع أولياء الله في الجنة قال الحسن: تخفض أقواماً إِلى الجحيم وإِن كانوا في الدنيا أعزة، وترفع آخرين إِلى أعلى عليين وإن كانوا في الدنيا وضعاء.. ثم بيَّن تعالى متى يكون ذلك فقال ﴿إِذَا رُجَّتِ الأرض رَجّاً﴾ أي زلزلت زلزالاً عنيفاً، واضطربت اضطراباً شديداً، بحيث ينهدم كل ما فوقها من بناء شامخ، وطودٍ راسخ قال المفسرون: تُردُّ كما يرجُّ الصبي في المهد حتى ينهدم كل ما عليها من بناء، وينكسر كل ما فيها من جبال وحصون ﴿وَبُسَّتِ الجبال بَسّاً﴾ أي فتُتت تفتيتاً حتى صارت كالدقيق المبسوس وهو المبلول بعد أن كانت شامخة ﴿فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً﴾ أي فصارت غباراً متفرقاً متطايراً في الهواء، كالذي يُرى في شعاع الشمس إِذا دخل النافذة فهذا هو الهباء، والمنبثُّ المتفرق، وهذه الآية كقوله تعالى ﴿وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش﴾ [القارعة: ٥] وقوله ﴿وَسُيِّرَتِ الجبال فَكَانَتْ سَرَاباً﴾ [النبأ: ٢٠] ﴿وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً﴾ أي وكنتم أيها الناس أصنافاً وفرقاً ثلاث «أهل اليمين، وأهل الشمال، وأهل السبق» فأما السابقون فهم أهل الدرجات العُلى في الجنة، وأما أصحاب اليمين فيهم سائر أهل الجنة، وأما أصحاب الشمال فهم أهل النار، وهذه مراتب الناس في الآخرة قال ميمون بن مهران: اثنان في الجنة وواحد في النار، ثم فصَّلهم تعالى بقوله ﴿فَأَصْحَابُ الميمنة مَآ أَصْحَابُ الميمنة﴾ ؟ استفهام للتفخيم والتعظيم أي هل تدري أيُّ شيء أصحاب الميمنة؟ من هم وما هي حالهم وصفتهم؟ إنهم الذين يؤتون صحائفهم في أيمانهم، فهو تعجيبٌ لحالهم، وتعظيم لشأنهم في دخولهم الجنة وتنعمهم بها ﴿وَأَصْحَابُ المشأمة مَآ أَصْحَابُ المشأمة﴾ ؟ أي هل تدري من هم؟ وما هي حالهم وصفتهم، إنهم الذين يؤتون صحائفهم بشمالهم، ففيه تعجب لحالهم في دخولهم النار وشقائهم قال القرطبي: والتكرير في ﴿مَآ أَصْحَابُ الميمنة﴾ و ﴿مَآ أَصْحَابُ المشأمة﴾ للتفخيم والتعجيب كقوله
﴿الحاقة مَا الحآقة﴾ [الحاقة: ١٢] وقوله ﴿القارعة مَا القارعة﴾ [القارعة: ١٢] وقال


الصفحة التالية
Icon