جحدوا بوحدانية الله وكذبوا بآياته أولئك هم المخلدون في دار الجحيم قال البيضاوي: فيه دليل على أن الخلود في النار مخصوص بالكفار، ومن حيث أن الصيغة تشعر بالاختصاص ﴿أولئك أَصْحَابُ الجحيم﴾ والصحبة تدل على الملازمة.
. ولما ذكر أحوال المؤمنين والكافرين، ذكر بعده ما يدل على حقارة الدنيا وكمال حال الآخر فقال ﴿اعلموا أَنَّمَا الحياة الدنيا لَعِبٌ﴾ أي اعلموا يا معشر السامعين أن هذه الحياة الدنيا ما هي إِلا لعبٌ يُتعب الناس فيها أنفسهم كإِتعاب الصبيان أنفسهم باللعب ﴿وَلَهْوٌ﴾ أي وشغل للإِنسان يشغله عن الآخرة وطاعة الله ﴿وَزِينَةٌ﴾ أي وزينة يتزين بها الجهلاء كالملابس الحسنة، والمراكب البهية، والمنازل الرفيعة ﴿وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ﴾ أي ومباهاة وافتخار بالأحساب والأنساب والمال والولد كما قال القائل:
أرى أهل القُصور إِذا أُميتوا | بنوا فوق المقابر بالصخور |
أبوا إِلا مباهاةً وفخراً | على الفقراء حتى في القبور |
. ولما حقَّر الدنيا وصغَّر أمرها، وعظَّم الآخرة وفخَّم شأنها، حثَّ على المساعة إِلى نيل مرضاة الله، التي هي سبب للسعادة الأبدية في دار الخلود والجزاء فقال ﴿سابقوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ أي تسابقوا أيها الناس وسارعوا بالأعمال الصالحة التي توجب المغفرة لكم من ربكم قال أبو حيان: وجاء التعبير بلفظ ﴿سابقوا﴾ كأنهم في ميدان سباق يجرون إِلى غاية مسابقين إِليها، والمعنى سابقوا إلى سبب المغفرة