قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ يابني إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُم} أي واذكر يا محمد لقومك هذه القصة أيضاً حين قال عيسى لبني إِسرائيل إِني رسول اللهِ أرسلت إِليكم بالوصف المذكور في التوراة قال القرطبي: ولم يقل «يا قوم» كما قال موسى، لأنه لا نسب له فيهم فيكونون قومه فإِنه لم يكن له فيهم أب ﴿مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التوراة﴾ أي حال كوني مصدِّقاً ومعترفاً بأحكام التوراة، وكُتب الله وأنبيائه جميعاً، ولم آتكم بشيء يخالف التوراة حتى تنفروا عني ﴿وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسمه أَحْمَدُ﴾ أي وجئت لأبشركم ببعثة رسولٍ يأتي بعدي يسمى «أحمد» قال الألوسي: وهذا الاسم الكريم علمٌ لنبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كما قال حسان:

صلَّى الإِلهُ ومن يحفُّ بعرشه والطّيبون على المبارك «أحمد»
وفي الحديث «لي خمسة أسماءٍ: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناسُ على قدمي، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا العاقب» ومعنى العاقب الذي لا نبيَّ بعده، وروي أن الصحابة قالوا يا رسول الله أخبرنا عن نفسك! فقال: دعوةُ أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أُمي حين حملت بي كأنه خرج منها نورٌ أضاءت له قصور الشام ﴿فَلَمَّا جَاءَهُم بالبينات﴾ أي فلما جاءهم عيسى بالمعجزات الواضحات، ومن إِحياء الموتى، وإِبراء الأكمه والأبرص، ونحو ذلك من المعجزات الدالة على صدقه في دعوى الرسالة ﴿قَالُواْ هذا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ أي قالوا عن عيسى: هذا ساحرٌ جاءنا بهذا السحر الواضح، والإِشارة بقولهم «سحر» إِلى المعجزات التي ظهرت على يديه عليه السلام، قال المفسرون: بشَّر كلُّ نبي قومه بنبيِّنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وإِنما أفرد تعالى ذكر عيسى بالبشارة في هذا الموضع لأن آخر نبيٍ قبل نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فبيَّن تعالى أن البشارة به عمَّت جميع الأنبياء واحداً بعد واحد حتى انتهت إِلى عيسى عليه السلام آخر أنبياء بني إِسرائيل ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله الكذب وَهُوَ يدعى إِلَى الإسلام﴾ استفهامٌ بمعنى النفي أي لا أحد أظلم ممن يدعوه ربه إِلى الإِسلام على لسان نبيه، فيجعل مكان إجابته إفترءا الكذب على الله بتسمية نبيه ساحراً، وتسمية آيات الله المنزلة سحراً ﴿والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين﴾ أي لا يوفق ولا يرشد إِلى الفلاح والهدى من كان فاجراً ظالماً ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ أي يريد المشركومن بأن يطفئوا دين الله وشرعه المنير بأفواههم قال الفخر الرازي: وإِطفاء نور الله تعالى تهكمٌ بهم في إرادتهم إِبطال الإِسلام بقولهم في القرآن إِنه ساحر، شبُهت حالهم بحال من ينفخ في نور الشمس بفيه ليطفئه، وفيه تهكم وسخريةٌ بهم ﴿والله مُتِمُّ نُورِهِ﴾ أي واللهُ مظهرٌ لدينه، بنشره في الآفاق، وإِعلائه على الأديان، كما جاء في الحديث
«إنَّ
الله
روى


الصفحة التالية
Icon