النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} فقيل له: راجعْها فإِنها صوَّامة قوَّامة، وهي من أزواجك ونسائك في الجنة.
ج وروي أنه لما نزل قوله تعالى ﴿والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قرواء﴾ ﴿البقرة: ٢٢٨] قال جماعة من الصحابة يا رسول الله: فما عدة لا قرء لها من صغر أو كِبَر فنزلت {واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارتبتم فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ..﴾ الآية.
التفسِير: ﴿ياأيها النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء﴾ الخطابُ للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والحكم عام له ولأمته، وخصَّ هو بالنداء صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تعظيماً له، كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم: يا فلان افعلوا أي افعل أنت وقومك، فهو نداء على سبيل التكريم والتعظيم قال القرطبي: الخطابُ للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خوطب بلفظ الجماعة ﴿طَلَّقْتُمُ﴾ تعظيماً وتفخيماً والمعنى: يا أيها النبي ويا أيها المؤمنون إِذا أردتم تطليق النساء ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ أي فطلقوهن مستقبلاتٍ لعدتهن، وذلك في الطهر، ولا تطلقوهن في الحيض قال مجاهد: أي طاهراً من غير جماع لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «فليطلقها طاهراً قبل أن يمسَّها، فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يُطلَّق لها النساء» قال المفسرون: وإِنما نُهي عن طلاق المرأة وقت الحيض لئلا تطول عليها العدة فتتضرر، ولأن حالة الحيض منفِّرة للزوج، تجعله يتسرع في طلاقها بخلاف ما إِذا كانت طاهراً، وكونه لم يجامعها في ذلك الطهر، لئلا يحصل من ذلك الوطء حملٌ، فتنتقل العدة من الحيض لوضع الحمل وفي ذلك ضرر ظاهر ﴿وَأَحْصُواْ العدة﴾ أي اضبطوها وأكملوها ثلاثة أقراء كاملة لئلا تختلط الأنساب ﴿واتقوا الله رَبَّكُمْ﴾ أي خافوا الله ربَّ العالمين، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ﴿لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ﴾ أي لا تخرجوهن من مساكنهم، بعد فراقكم لهن إِلى أن تنقضي عدتهن ﴿وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ﴾ أي ولا يخرجن من البيوت حتى تنقضي عدتهن، إِلا إِذا قارفت المطلقة عملاً قبيحاً كالزنى فتخرج لإِقامة الحد عليها قال في التسهيل: نهى الله سبحانه وتعالى أن يُخرج الرجلُ المرأة المطلَّقة من المسكن الذي طلقها فيه، ونهاها هي أن تخرج باختيارها، فلا يجوز لها المبيت خارجاً عن بيتها، ولا أن تغيب عنه نهاراً إِلا لضرورة التصرف، وذلك لحفظ النسب وصيانة المرأة، واختلف في الفاحشة التي تبيح خروج المعتدة فقيل: إِنها الزنى فتخرج لإِقامة الحد عليها، وقيل إِنه سوء الكلام مع الأصهار وبذاءة اللسان فتخرج ويسقط حقها من السكنى، ويؤيده قراءة «إِلا أن يفحشن عليكم» ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ الله﴾ أي وهذه الأحكام هي شرائع الله ومحارمه ﴿وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ أي ومن يخرج عن هذه الأحكام، ويتجاوزها إِلى غيرها ولا