بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} أي فبشرهم على كفره وضلالهم بعذاب مؤلم موجع، واجعل ذلك بمنزلة البشارة لهم قال في التسهيل: ووضع البشارة في موضع الإِنذار تهكم بالكفار ﴿إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات﴾ أي لكنْ الذين صدَّقوا الله ورسوله، وجمعا بين الإِيمان وصالح الأعمال ﴿لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ أي لهم ثوابٌ في الآخرة غير منقوص ولا مقطوع، بل هو دائم مستمر.
ختم تعالى السورة الكريمة ببيان نعيم الأبرار، بعد أن ذكر مآل الفجار، وهو توضيح لما أجمله في أول السورة من ملاقاة كل عامل لجزائه في قوله ﴿ياأيها الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ﴾.
البَلاَغَة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - الطباق بين لفظ ﴿السمآء﴾ و ﴿الأرض﴾.
٢ - المقابلة بين ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾ وبين ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ﴾.
٣ - الكناية ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ﴾ كنَّى به عن الشدة والأهوال التي يلقاها الإِنسان.
٤ - الجناس الناقص بين كلمتي ﴿وَسَقَ﴾ و ﴿اتسق﴾.
٥ - الأسلوب التهكمي ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ استعمال البشارة في موضع الإِنذار تهكم وسخرية بالكفار.
٦ - توافق الفواصل مراعاة لرءوس الآيات مثل ﴿إِذَا السمآء انشقت وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ ومثل ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بالشفق والليل وَمَا وَسَقَ والقمر إِذَا اتسق لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ﴾ ويسمى وهو من المحسنات البديعية.


الصفحة التالية
Icon