يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ الناس مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: ٦٧] وذلك ببركة دعوة أبيهم الخليل إِبراهيم عليه السلام حيث قال ﴿رَبِّ اجعل هذا بَلَداً آمِناً﴾ [البقرة: ١٢٦] وقوله ﴿وارزق أَهْلَهُ مِنَ الثمرات﴾ [البقرة: ١٢٦] أفلا يجب على قريش أن يفردوا بالعبادة هذا الإِله الجليل، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف؟!
البَلاَغَة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البديع والبيان نوجها فيما يلي:
١ - الطباق بين ﴿الشتآء.. والصيف﴾ وبين الجوع والإِطعام ﴿أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ﴾ وبين الأمن والخوف ﴿وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾.
٢ - الإِضافة للتكريم والتشريف ﴿رَبَّ هذا البيت﴾.
٣ - تقديم ما حقه التأخير ﴿لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ﴾ والأصل ﴿لْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت لإِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشتآء والصيف﴾ فقدَّم الإِيلاف تذكيراً بالنعمة.
٤ - التنكير في لفظة ﴿جُوعٍ﴾ ولفظة ﴿خَوْفٍ﴾ لبيان شدتهما أي جوع شديد، وخوفٍ عظيم.
تنبيه: قال الإِمام الفخر: إِعلم أنَّ الإِنعام على قسمين: أحدهما دفع ضر وهو ما ذكره في سورة الفيل، والثاني: جلب النفع وهو ما ذكره في هذه السورة، ولما دفع الله عنهم الضر، وجلب لهم النفع، وهما نعمتان عظيمتان أمرهم بالعبودية وأداء الشكر ﴿فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت..﴾ الآيات.