فقال يا محمد: إِن كافر بالنجم إِذا هوى، وبالذي دنا فتدلى، ثم تفل أمام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وطلَّق ابنته «أم كلثوم» فغضب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ودعا عليه فقال: «اللهم سلط عليه كلباً من كلابك» فافترسه الأسد، وهلك أبو لهب بعد وقعة بدر بسب ليالٍ بمرضٍ معدٍ كالطاعون يسمى «العدسة» وبقي ثلاثة أيام حتى أنتن، فلما خافوا العار حفروا له حفرة ودفعوه إِليها بعود حتى وقع فيها ثم قذفوه بالحجارة حتى واروه، فكان الأمر كما أخبر به القرآن ﴿سيصلى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ﴾ أي سيدخل ناراً حامية، ذات اشتعال وتوقُّد عظيم، وهي نار جهنم ﴿وامرأته حَمَّالَةَ الحطب﴾ أي وستدخل معه نار جهنم، امرأته العوراء «أم جميل» التي كانت تمشي بالنميمة بين الناس، وتوقد بينهم نار العداوة والبغضاء قال أبو السعود: كانت تحمل حزمة من الشوك والحسك فتنثرها بالليل في طريق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لإِذائه وقال ابن عباس: كانت تمشي بالنميمة بين الناس لتفسد بينهم ﴿فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ﴾ أي في عنقها جبلٌ من ليف قد فتل فتلاً شديداً، تعذب به يوم القيامة قال مجاهد: هو طوقٌ من حديد وقال أبن المسيب: كان لها قلادة فاخرة من جوهر، فقالت: واللاتِ والعُزَّى لأنفقتها في عداوة محمد، فأعقبها الله منها حبلاً في جيدها من مسد النار.
البَلاَغَة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البديع والبيان نوجزها فيما يلي:
١ - الجناس المرسل ﴿يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ أطلق الجزء وأراد الكل أي هلك أبو لهب.
٢ - الجناس بين ﴿أَبِي لَهَبٍ﴾ وبين ﴿نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ﴾ فالأول كنية والثاني وصف للنار.
٣ - الكنية للتصغير والتحقير ﴿أَبِي لَهَبٍ﴾ فليس المراد تكريمه بل تشهيره، كأبي جهل.
٤ - الاستعارة اللطيفة ﴿حَمَّالَةَ الحطب﴾ مستعار للنميمة وهي استعارة مشهورة قال الشاعر: «ولم يمش بين احلي بالحطب والرطب.
٥ - النصب على الشتم والذم ﴿وامرأته حَمَّالَةَ الحطب﴾ أي أخص بالذم حمالة الحطب.
٦ - توافق الفواصل مراعاة لرءوس الآيات وهو من المحسنات البديعية.