أحاط بهم من العذاب والنكال ما كانوا يستهزئون به في الدنيا ﴿فَإِذَا مَسَّ الإنسان ضُرٌّ دَعَانَا﴾ أي فإذا أصاب هذا الإنسان الكافر شيءٌ من الشدة والبلاء، تضرَّع إلى الله وأناب إليه ﴿ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا﴾ اي ثم إذا أعطيناه نعمة منا تفضلا عليه وكرماً ﴿قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ على عِلْمٍ﴾ أي قال ذلك الإنسان الكافر الجاحد إِنما أعطيته على علمٍ مني بوجوه المكاسب والمتاجر ﴿بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ﴾ أي ليس الأمر كما زعم بل هي اختبارٌ وامتحانٌ له، لنختبره فيما أنعمنا عليه أيطيع أم يعصي؟ ﴿ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أي ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون أن إعطاءهم المال اختبار وابتلاء فلذلك يبطرون ﴿قَدْ قَالَهَا الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ أي قال تلك الكلمة والمقالة الكفار قبلهم كقارون وغيره حيث قال ﴿إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ على عِلْمٍ عندي﴾ [القصص: ٧٨] ﴿فَمَآ أغنى عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ أي فما نفعهم ما جمعوه من الأموال، ولا ما كسبوه من الحُطام ﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ﴾ أي فنالهم جزاء أعمالهم السيئة ﴿والذين ظَلَمُواْ مِنْ هؤلاء﴾ أي والذين ظلموا من هؤلاء المشركين كفار قريش ﴿سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ﴾ أي سينالهم جزاء أعمالهم القبيحة كما أصاب أولئك قال البيضاوي: وقد أصابهم ذلك فإنهم قد قُحطوا سبع سنين حتى أكلوا الجيف وقُتل ببدرٍ صناديدهم ﴿وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ أي وليسوا بفائتين من عذابنا، لا يعجزوننا هرباً ولا يفوتوننا طلباً.. ثم ردَّ عليهم زعمهم فيما أوتوا من المال وسعة الحال فقال ﴿أَوَلَمْ يعلموا أَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ﴾ ؟ أي أولم يعلم هؤلاء المشركون أن الله يوسِّع الرزق على قوم، ويضيّقه على آخرين؟ فليس أمر الرزق تابعاً لذكاء الإِنسان أو غبائه، إنما هو تابعٌ للقسمة والحكمة ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أي إِن في الذي ذكر لعبراً وحججاً لقوم يصدِّقون بآيات الله قال القرطبي: وخصَّ المؤمن بالذكر، لأنه هو الذي يتدبر الآيات وينتفع بها، ويعلم أن سعة الرزق قد يكون استدراجاً، وأن تقتيره قد يكون إعظاماً.