لأن الجماد لا يقال في حقه يقضي أو لا يقضي ﴿إِنَّ الله هُوَ السميع البصير﴾ أي هو السمع لأقوال العباد، البصير بأفعالهم ﴿أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي الأرض﴾ ؟ أي أولم يعتبر هؤلاء المشركون في أسفارهم بما يرون من أثار المكذبين ﴿فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ﴾ أي فينظروا ما حلَّ بالمكذبين من العذاب والنكال؟ فإنَّ العاقل من اعتبر بغيره ﴿كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ أي كانوا أشدَّ قوةً من هؤلاء الكفار من قومك ﴿وَآثَاراً فِي الأرض﴾ أي وأقوى آثاراً في الأرض من الحصون والقصور والجند الأشداء، ومع هذه القوة العظيمة والبأس الشديد أهكلهم الله لما كذبوا الرسل ﴿فَأَخَذَهُمُ الله بِذُنُوبِهِمْ﴾ أي أهلكهم الله إهلاكاً فضيعاً بسبب إجرامهم وتكذيبهم رسل الله ﴿وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ الله مِن وَاقٍ﴾ أي وما كان لهم أحد يدفع عنهم عذاب الله، ولا يقيهم من عقابه.
. ثم ذكر تعالى سبب عقابه لهم فقال ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بالبينات﴾ أي ذلك العذاب بسبب أنهم كانت تأتيهم رسلهم بالمعجزات الباهرات، والآيات الساطعات الواضحات ﴿فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ الله﴾ أي فكفروا مع هذا البيان والبرهان فأهلكهم الله ودمَّرهم ﴿إِنَّهُ قَوِيٌّ﴾ أي إنه تعالى قويٌ لايُقهر، ذو قوة عظيمة وبأسٍ شديد ﴿شَدِيدُ العقاب﴾ أي عقابه شديد لمن عصاه، وعذابه أليم وجيع، أعاذنا الله من عقابه وأجارنا من عذابه.


الصفحة التالية
Icon