أَمْرَ المطعومِ مُقَدَّمٌ على أَمْرِ المشروبِ، وأنَّ الوعيدَ بفَقْدِهِ أشدُّ وأصعبُ من قِبَلِ أنَّ المشروبَ إنما يُحتاجُ إليه تَبَعاً للمطعوم، ألا ترى أنك إنما تَسْقي ضيفَك بعدما تُطْعِمُهُ، ولو عَكَسْتَ قَعَدْتَ تحت قولِ أبي العلاءِ:
٤٢٢٠ - إذا سُقِيَتْ ضُيوفُ الناس مَحْضاً | سَقَوْا أضيافَهم شَبِماً زُلالا |
قال الشيخ: «وقد طوَّل الزمخشريُّ» فلم يَذْكُرْ هذا الكلامَ الحسنَ، ثم ذَكَر بعض كلامِه، وواخَذَه في قولِه: «إنَّ الثاني امتنع لامتناعِ الأول» وجعلها عبارةَ بعض ضعفاءِ المُعْرِبين، ثم ذكر عبارةَ سيبويه، وهي: حرفٌ لِما كان سيقعُ لوقوعِ غيرِه، وذكر أنَّ قولَ مَنْ قال: «امتناع لامتناع» فاسدٌ بقولك: لو كان هذا إنساناً لكان حيواناً، يعني أنه لا يَلْزَمُ مِن امتناع الإِنسانية امتناعُ الحيوانية. ومِثْلُ هذه الإِيراداتِ سهلةٌ وإذا تَبِعَ الرجلُ الناسَ في عبارتهم لا عليه. على أنها عبارةُ المتقدِّمين من النحاة، نَصَّ على ذلك غيرُ واحدٍ.
وقوله: ﴿مِنَ المزن﴾ : السحاب وهو اسم جنس واحدُه مُزْنة. قال الشاعر: