قوله: ﴿وَمِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ : يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ ب «خَلَقْنا» أي: خَلَقْنا مِنْ كلِّ شيء زوجَيْن، وأَنْ يتعلَّق بمحذوف على أنه حالٌ مِنْ «زوجَيْن» ؛ لأنه في الأصل صفةٌ له؛ إذ التقديرُ: خَلَقْنا زوجَيْن كائنين من كلِّ شيءٍ، والأولُ أقوى في المعنى.
قوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ : فيه وجهان، أظهرُهما: أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: الأمرُ مثلُ ذلك. والإِشارةُ ب «ذلك» قال الزمخشريُّ: «إلى تكذيبهِم الرسولَ وتسميتِه ساحراً ومجنوناً» ثم فَسَّر ما أَجْمل بقولِه: «ما أَتى». والثاني: أن الكاف في محلِّ نصبٍ نعتاً لمصدر محذوف، قاله مكي، ولم يُبَيِّنْ تقديرَه/ ولا يَصِحُّ أَنْ ينتصِبَ بما بعده لأجل «ما» النافية. وأمَّا المعنى فلا يمتنعُ، ولذلك قال الزمخشري: «ولا يَصِحُّ أن تكون الكافُ منصوبةً ب» أتى «لأنَّ» ما «النافيةَ لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، ولو قيل: لم يأتِ لكان صحيحاً» يعني لو أتى في موضع «ما» ب «لم» لجازَ أن تنتصِبَ الكافُ ب «أتى» لأن المعنى يَسُوغ عليه. والتقدير: كَذَّبَتْ قريشٌ تكذيباً مثلَ تكذيب الأمم السابقة رسلَهم. ويَدُلُّ عليه قولُه: ﴿مَآ أَتَى الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ الآية.
قوله: ﴿إِلاَّ قَالُواْ﴾ الجملةُ القوليةُ في محلِّ نصب على الحال من ﴿الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾، و «من رسولٍ» فاعلُ «أتى» كأنه قيل: ما أتى الأوَّلين رسولٌ إلاَّ في حالِ قولهم: هو ساحرٌ. والضميرُ في «به» يعودُ على القولِ المدلولِ عليه ب «قالوا» أي: أتواصَى الأوَّلُوْن والآخرِون بهذا القولِ المتضمِّنِ لساحرٍ أو مجنونٍ، والاستفهامُ للتعجب.


الصفحة التالية
Icon