قوله: ﴿يَوْماً﴾ : مفعولٌ ب «يَذَرُون» لا ظرفٌ، ووَصْفُه بالثِّقَلِ على المجازِ؛ لأنه مِنْ صفات الأعيانِ لا المعاني. ووراء هنا بمعنى قُدَّام. قال مكي: «سُمِّي وراء لتوارِيْه عنك» فظاهرُ هذا أنه حقيقةٌ، والصحيحُ أنه اسْتُعير ل قُدَّام. وقيل: بل هو على بابِه، أي: وراءَ ظهورِهم لا يَعْبَؤُون به. وفيه تجوُّزٌ.
قوله: ﴿وَإِذَا شِئْنَا﴾ : قال الزمخشري: «وحَقُّه أَنْ يجيءَ ب» إنْ «لا ب» إذا «كقولِه: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ﴾ [محمد: ٣٨] ﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ [النساء: ١٣٣] يعني أنَّ» إذا «للمحقَّقِ، و» إنْ «للمحتملِ، وهو تعالى لم يَشَأْ ذلك. وجوابُه أنَّ» إذا «قد تقع موقعَ» إنْ «كالعكسِ.
قوله: ﴿إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله﴾ : فيه وجهان، أحدُهما: أنَّه حالٌ، أي: إلاَّ في حالِ مشيئِة اللَّهِ، قاله أبو البقاء. وفيه نظرٌ؛ لأنَّ هذا مقدَّرٌ بالمعرفة. إلاَّ أَنْ يريدَ تفسير المعنى. والثاني: أنه ظرفٌ. قال الزمخشري: «فإنْ قلت: ما محلُّ ﴿أَن يَشَآءَ الله﴾ ؟ قلت: النصبُ على الظرف، وأصلُه إلاَّ وقتَ مشيئةِ اللَّهِ، وكذلك قرأ ابنُ مسعود» إِلاَّ مَا يشَآءُ الله «لأنَّ» ما «مع الفعلِ ك» أَنْ «. ورَدَّه الشيخُ: بأنه لا يقومُ مَقامَ الظرفِ إلاَّ المصدرُ الصريحُ. لو قلت:» أجيئُك أَنْ يَصيحَ الديكُ «أو» ما يصيحُ «لم يَجُزْ». قلت: وقد تقدَّم الكلامُ معه في ذلك غيرَ مرةٍ.