مُقَدَّم عليها في الشريعة؟ قلت: لَمَّا كانت الوصية مُشْبِهةً للميراث في كونِها مأخوذةً من غيرِ عوض كان إخراجُها مِمَّا يَشُّقُّ على الورثةِ بخلافِ الدَّيْن فإنَّ نفوسَهم مطمئنةٌ إلى أدائه، فلذلك قُدِّمت على الدَّيْن بعثاً على وجوبِها والمسارعةِ إلى إخراجها مع الدَّيْن؛ لذلك جِيء بكلمةٍ» أو «للتسويةِ بينهما في الوجوب».
قوله: ﴿آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ﴾ مبتدأٌ، و «لا تَدْرُون» وما في حيِّزه في محلِّ الرفع خبراً له، و «أيُّهم» فيه وجهان، أشهرُهما عند المُعْرِبين أن يكونَ «أيُّهم» مبتدأ وهم أسمُ استفهامٍ، و «أقربُ» خبرُه، والجملة من هذا المبتدأ وخبرِه في محلِّ نصب ب «تَدْرون» لأنها من أفعالِ القلوبِ، فعلَّقها اسمُ الاستفهامِ عن أَنْ تعملَ في لفظِه؛ لأنَّ الاستفهامَ لا يَعْمل فيه ما قبلَه في غيرِ الاستثبات.
والثاني: أنه يجوزُ أن تكونَ «أيُّهم» موصولةً بمعنى الذي، و «أقربُ» : خبرٌ مبتدأٍ مضمر هو عائدٌ الموصولِ، وجازَ حذفُه لأنه يجوز ذلك مع «أي» مطلقاً أي: أطالت الصلةُ أم لم تَطُلْ، والتقديرُ: أيُّهم هو أقربُ، وهذا الموصولُ وصلتُه في محلِّ نصب على أنه مفعول به، نصبَه «تَدْرون»، وإنما بُني لوجودِ شرطَي البناءِ: وهما أَنْ تُضاف «أي» لفظاً وأَنْ يُحْذَفَ صدرُ صلتِها، وصارت هذه الآيةُ نظيرَ الآيةِ الأخرى وهي ﴿ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ﴾ [مريم: ٦٩] فصارَ التقديرُ: لا تدرون الذي هو أقربُ. قال الشيخ: «ولم أرَهم ذكروه» يعني هذا الوجه. قلت: ولا مانعَ منه لا من جهةِ المعنى ولا من جهةِ الصناعةِ. فعلى القولِ الأولِ تكونُ الجملةُ سادَّةً مسدَّ المفعولين، ولا حاجةَ إلى تقدير حذف، وعلى الثاني يكونُ الموصولُ في محلِّ نصبٍ مفعولاً أولَ،