عليه ما في حَيِّزه، وهذا كما قالوا في قوله: ﴿إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ القالين﴾ [الشعراء: ١٦٨] ﴿وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزاهدين﴾ [يوسف: ٢٠]، وتقديرُ مكي متعلِّق هذا الظرف وهو» خاسر «إنما هو بناء على كون» أل «موصولةً بدليل قولِه:» فإنْ جعلت الألف واللام ليستا بمعنى «الذين» وبالجملة فلا حاجة إلى هذا التقدير: بل العاملُ فيه كما تقدم العاملُ في الظرفِ الواقعِ خبراً وهو الكون المطلق، ولا يجوز أن يكونَ «في الآخرة» هو الخبر، و «من الخاسرين» متعلِّقٌ بما تعلَّق به لأنه لا فائدة في ذلك، فإنْ جُعِل «من الخاسرين» حالاً من ضميرِ الخبر وتكونُ حالاً لازمةً جاز، وهو ضعيفٌ في الإِعراب، وقد تقدَّم وقد تقدَّم نظيرُ هذه الآية في البقرة عند قوله: ﴿وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ الصالحين﴾ [الآية: ١٣٠].
قوله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة﴾ : قالوا تقديرُه: إذا أردتم القيامَ كقولِه: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ﴾ [النحل: ٩٨]، وهذا من إقامة المسبِّب مقام السبب، وذلك أنَّ القيامَ متسبِّبٌ عن الإِرادة والإِرادة سببه.
قال الزمخشري: «فإنْ قلت: لِمَ جازَ أن يُعَبِّر عن إرادة الفعل بالفعل» قلت: لأن الفعل يوجَدُ بقدرة الفاعل عليه وإرادته له وهي قصدُه إليه وميلُه وخلوصُ داعيتهِ، فكما غَبَّر عن القدرة على الفعل بالفعل في قولهم: «الإِنسانُ لا يطير، والأعمى لا يبصر» أي: لا يَقْدران على الطير والابصار، ومنه قولُه تعالى: ﴿نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٤] أي: قادرين على الإِعادة، كذلك عبر عن إرادة الفعل بالفعل؛ وذلك لأن الفعل مُسَبِّب عن