والثاني: أن يتعلَّق بمحذوفٍ على أنه حالٌ من «حَرَجاً» لأنَّ صفةَ النكرةِ لَمَّا قُدِّمَتْ عليها انتصبَتْ حالاً.
و ﴿مِّمَّا قَضَيْتَ﴾ فيه وجان، أحدُهما: أنه متعلقٌ بنفس «حرجاً» ؛ لأنك تقول: «خَرَجْتُ من كذا» والثاني: أنه متعلق بمحذوف، فهو في محلِ نصبٍ لأنه صفة ل «حرجاً» و «ما» يجوز أن تكونَ مصدريةً، وأن تكون بمعنى الذي، أي: حرجاً من قضائك، أومن الذي قضيته، وأن تكونَ نكرةً موصوفةً، فالعائدُ على هذين القولين محذوف.
قوله تعالى: ﴿أَنِ اقتلوا﴾ :«أن» فيها وجهان، أحدُهما: أنها المفسرةُ؛ لأنها أتت بعدما هو بمعنى القولِ لا حروفِه، وهذا أَظْهَرُ. والثاني: أنها مصدريةٌ، وما بعدها من فعل الأمر صلتُها وفيه إشكال من حيث إنه أذا سُبِكَ منها ومِمَّا بعدها مصدرٌ فاتت الدلالة على الأمر، ألا ترى أنك إذا قلت: «كتبت إليه أَنْ قم» فيه من الدلالة على طلبِ القيامِ بطريقِ الأمر ما لا في قولِك: «كتبت إليه القيامَ» ولكنهم جَوَّزوا ذلك، واستدلُّوا بقولهم «كتبت إليه بأَنْ قم»، ووجهُ الدلالةِ أنَّ حرفَ الجَرِّ لا يُعَلَّق، وتحريرُ المبحثِ في ذلك في «الشرح الكبير للتسهيل».
وقرأ أبو عمرو بكسرِ نون «أَنْ»، وضم واو «أو» وكسرهما حمزة وعاصم، وضَمَّهما باقي السبعة، فالكسرُ على أصل التقاء الساكنين، والضمُّ للإتباع للثالث، إذ هو مضمومٌ ضمةً لازمة، وإنما فَرَّق أبو عمرو لأن الواوَ أختُ الضمةِ، وقد تقدَّم تحقيقُ ذلك في البقرة عند قوله: ﴿فَمَنِ اضطر﴾ [الآية: ١٧٣].


الصفحة التالية
Icon