أرجلكم «نصباً، وباقي السبعة: وأرجلكم» جراً، والحسن بن أبي الحسن: «وأرجلُكم» رفعاً، فأمَّا قراءة النصب ففيها تخريجان، أحدُهما: أنها معطوفةٌ على «ايديكم» فإنَّ حكمَها الغُسْلُ كالأوجه والأيدي، كأنه قيل: «واغسلوا أرجلكم» إلا أنَّ هذا التخريجَ أفسده بعضُهم بأنه يلزم منه الفصلُ بين المتعاطِفَيْنِ بجملةٍ غير اعتراضية لأنها مُنْشِئَةٌ حمكاً جديداً فليس فيها تأكيد للأول. وقال ابن عصفور- وقد ذكر الفصلَ بين المتعاطِفَيْن -: «وأقبحُ ما يكونُ ذلك بالجمل» فدلَّ قولُه على أنه لا يجوزُ تخريجُ الآية على ذلك. وقال أبو البقاء عكسَ هذا فقال: «وهو معطوفٌ على الوجوه» ثم قال «وذلك جائزٌ في العربية بلا خلاف» وجَعَلَ السنِّيَّة الواردة بغسل الرجلين مقويةً لهذا التخريج، وليس بشيء، فإنَّ لقائل أن يقول: يجوز أن يكون النصب على محلِّ المجرور وكان حكمُها المسحَ ولكن نُسِخ ذلك بالسنَّة وهو قولٌ مشهورٌ للعلماء. والثاني: أنه منصوبٌ عطفاً على محل المجرور قبله، كما تقدَّم تقريرُه قبل ذلك.
وأمَّا قراءةُ الجر ففيها أربعةُ تخاريجَ، أحدها: أنه منصوبٌ في المعنى عطفاً على الأيدي المغسولة، وإنما خُفض على الجوار، كقولهم: «هذا جُحْرُ ضبٍّ خَرِبٍ» بجر «خرب» وكان مِنْ حَقِّه الرفعُ لأنه صفة في المعنى للجحر لصحة اتصافه به، والضَّبُّ لا يوصف به، وإنما جَرُّه على الجوار، وهذه المسألة عند النحويين لها شرط وهو أن يُؤْمَنَ اللبس كما تقدم تمثيله، بخلاف: «قام غلام زيد العاقل» إذا جعلت «العاقل» نعتاً للغلام امتنع جَرُّه على الجوار لأجل اللَّبْس، وأنشد أيضاً قول الشاعر:
١٧٠ - ١-