للذين هادوا وعليهم» ذكره ابن عطية وغيره. والثاني: أنها متعلقةٌ بأنزلنا، أي: أنزلنا التوراةَ للذين هادُوا يحكمُ بها النبيون. والثالث: أنها متعلقةٌ بنفسِ «هُدى» أي: هدى ونور للذين هادوا، وهذا فيه الفصلُ بين المصدرِ ومعمولِه، وعلى هذا الوجهِ يجوز ان يكون «للذين هادوا» صفةً ل «هدى ونور» أي: هدى ونور كائن للذين هادوا، وأولُ هذه الأقوالِ هو المقصودُ.
قوله: ﴿والربانيون﴾ عطفٌ على «النبيون» أي: إنَّ الربانيين - وقد تقدَّم تفسيرُهم في آل عمران - يَحْكُمون أيضاً بمقتضى ما في التوراةِ. والأحبارُ: جمع «حَبرْ» بفتح الحاء وكسرها وهو العالم، وأنكر أبو الهيثم الكسر، والفراء والفتح، وأجاز أبو عبيد الوجهين، واختار الفتحَ، فأمَّا «الحِبْر» الذي يُكْتَبُ به فالبكسر فقط، وأصلُ المادةِ الدلالةُ على التحسين والمسرَّة، وسُمِّي ما يكتب به حِبراً لتحسينِ الخط، وقيل: لتأثيره، ويدلُّ للأول قولُه تعالى: ﴿أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ﴾ [الزخرف: ٧٠] أي: تفرحون وتُزَيَّنون وقال أبو البقاء: «وقيل الربانيون [مرفوع] بفعل محذوف أي: ويحكم الربانيون والأحبار بما استُحْفِظوا» انتهى. يعني أنه لَمَّا اختلف متعلَّقٌ الحكم غاير بين الفعلين أيضاً فإنَّ النبيين يحكمُون بالتوارة، والأحبارُ والربانيون يحكمون بما ساتحفظهم اللهُ، وهذا بعيدٌ عن الصواب؛ لأنَّ الذي استحفظهم الله هو مقتضى ما في التوراة، فالنبيون والربانيون حاكمون بشي واحد، على أنه سيأتي أنَّ الضميرَ في «استُحْفِظوا» عائدٌ على النبيين فَمَنْ بعدهم.
قوله: ﴿بِمَا استحفظوا﴾ أجاز أبو البقاء فيه ثلاثة أوجه، أحدُهما: أنَّ «