ويجوز أن تكونَ مصدرية، قال ابن عطية، أي أنباء كونهم مستهزئين، وعلى هذا فالضمير لا يعود عليها لأنها حرفية، بل يعود على الحق، وعند الأخفش يعود عليها لأنها اسم عنده.
قوله تعالى: ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا﴾ : يجوز في «كم» أن تكون استفهامية وخبرية، وعلى كلا التقديرين فهي مُعَلِّقةٌ للرؤية عن العمل، لأن الخبرية تجري مجرى الاستفهامية في ذلك، ولذلك أُعْطِيت أحكامَها من وجوب التصدير وغيره. والرؤيةُ هنا عِلْميَّة، ويَضْعُفُ كونها بصرية، وعلى كلا التقديرين فهي معلَّقة عن العمل، لأنَّ البَصَرية تجري مجراها، فإن كانت عِلْميَّةً ف «كم» وما في حيِّزها سادَّةٌ مَسدَّ مفعولين، وإن كانت بصرية فمسدَّ واحد.
و «كم» يجوز أن تكون عبارة عن الأشخاص فتكونَ معفولاً بها ناصبها «أَهْلَكْنا» و «مِنْ قَرْنٍ» على هذا تمييز لها، وأن تكون عبارةً عن المصدر فتنتصبَ انتصابَه بأهْلَكْنا، أي إهلاكاً، و «مِنْ قرن» على هذا صفةٌ لمفعول «أَهْلَكْنا» أي أهلكنا قوماً أو فوجاً من القرون؛ لأنَّ قرناً يراد به الجمع، و «مِنْ» تبعيضية، والأُولى لابتداء الغاية. وقال الحوفي: «من» الثانية بدل من «مِنْ» الأولى وهذا لا يُعْقل فهو وَهْمٌ بَيِّنٌ، ويجوز أن تكون «كم» عبارة عن الزمان فتنتصب على الظرف. قال أبو البقاء: «تقديره: كم أزمنةٍ أهلكنا فيها» وجعل أبو البقاء على هذا الوجه «من قرن» هو المفعول به و «مِنْ» مزيدة


الصفحة التالية
Icon