ثم قال الشيخ: «وأما قولُه فخبيث فليس بخبيث؛ وذلك أنه بناه على أن الجملةَ الحالية إذا كانَتْ اسميةً وفيها ضمير ذي الحال فحذفُ الواوِ منها شاذٌّ وتبع في ذلك الفراءَ، وليس بشاذ بل هو كثيرٌ في النظم والنثر». قلت: قد سبق أبا القاسم في تسمية هذه الواوِ حرفَ عطفٍ الفراءُ وأبو بكر ابن الأنباري. قال الفراء: «أوهم قائلون فيه واو مضمرة، المعنى: أهلكناها فجاءها بأسنا بياتاً أو وهم قائلون، فاستثقلوا نسقاً على إثرِ نسقٍ، ولو قيل لكان صواباً». قلت: قد تقدم أن الشيخ نقل أن الواو ممتنعة في هذا المثال ولم يَحْكِ خلافاً، وهذا قول الفراء: «ولو قيل لكان صواباً» مُصَرِّحٌ بالخلاف له. وقال أبو بكر: «أُضمرت واوُ الحال لوضوح معناها كما تقول العرب:» لقيت عبد الله مسرعاً أو هو يركض «فيحذفون الواوَ لأَمْنِهم اللَّبْسَ، لأن الذِّكْرَ قد عاد على صاحب الحال، ومن أجل أنَّ» أو «حرفُ عطف والواو كذلك، فاستثقلوا جمعاً بين حرفين من حروف العطف فحذفوا الثاني».
قلت: فهذا تصريحٌ من هذين الإِمامين بما ذكره أبو القاسم، وإنما ذكرتُ نصَّ هذين الإِمامين لأُعْلِمَ اطِّلاعَه على أقوال الناس، وأنه لا يأتي بغير مصطلح أهل العلم كما يرميه به غيرَ مرة.
و «قائلون» من القَيْلُولة. يقال: قال يَقيل قَيْلولة فهو قائل كبائع. والقيلولة: الراحةُ والدَّعَةُ في الحر وسط النهار وإن لم يكن معها نوم. وقال الليث: هي نَوْمَةُ نصف النهار. قال الأزهري: «القيلولة: الراحة وإن لم يكن فيها نوم، بدليل قوله تعالى: {أَصْحَابُ الجنة


الصفحة التالية
Icon