و «استغاث» يتعدى بنفسه وبالباء. ولم يجئ في القرآن إلا متعدِّياً بنفسه حتى نقم ابن مالك على النحويين قولهم المستغاث له، أو به، والمستغاث من أجله. وقد أنشدوا على تَعَدِّيه بالحرف قول الشاعر:
٢٣٨٣ - حتى استغاثَ بماءٍ لا رِشَاءَ له | من الأباطحِ في حافَاتِه البُرَكُ |
مُكَلَّلٌ بأصول النَّبْت تَنْسُجه | ريحٌ خَرِيقٌ لضاحي مائِه حُبُكُ |
كما استغاث بِسَيْءٍ فَزُّغَيْطَلَةٍ | خافَ العيونَ ولم يُنْظَرْ به الحَشَكُ |
قوله: ﴿أَنِّي﴾ العامة على فتح الهمزة بتقدير حذف حرف الجر أي: فاستجاب بأني. وقرأ عيسى بن عمر ويُروى عن أبي عمرو أيضاً «إني» بكسرها. وفيها مذهبان: مذهَب البصريين أنه على إضمار القول أي: فقال إني ممدُّكم. ومذهب الكوفيين أنها محكيَّةٌ باستجاب إجراءً له مُجْرى القولِ لأنه بمعناه.
قوله: ﴿بِأَلْفٍ﴾ العامَّة على التوحيد. وقرأ الجحدري: «بآلُفٍ» بزنة أفْلُس. وعنه أيضاً وعن السديّ بزنة أَحْمال. وفي الجمع بين هاتين القراءتين وقراءة الجمهور: أن تُحْمَلَ قراءةُ الجمهور على أن المراد بالأَلْفِ هم الوجوه، وباقيهم كالأتباع لهم، فلذلك لم يَنُصَّ عليهم في قراءة الجمهور ونصَّ عليهم