مَنْ يُقَدِّر مفعولاً في «مُرْدِفين» بكسرِ الدال، وأَرْدَفْتُه «إذا جِئْتَ بعده أيضاً، فصار أَرْدَفَ على هذا مشتركاً بين معنيين. وقال شمر:» رَدِفْتُ وأَرْدَفْتُ إذا فَعَلْتَ ذلك بنفسك، فأمَّا إذا فَعَلْتَهما/ بغيرك فَأَرْدَفْتُ لا غير «. وقوله: ﴿مُرْدَفِينَ﴾ بفتح الدالِ فيه وجهان، أظهرهما: أنه صفةٌ لأَلْف أي أَرْدَف بعضُهم لبعض. والثاني: أنه حالٌ من ضمير المخاطبين في» يمدُّكم «قال ابن عطية:» ويُحتمل أن يُراد بالمُرْدَفين المؤمنون أي: أُرْدِفوا بالملائكة «وهذا نصٌّ فيما ذكرته من الوجه الثاني. وقال الزمخشري:» وقرئ «مُرْدَِفين» بكسر الدال وفتحها مِنْ قولك: رَدِفه إذا تبعه، ومنه قوله تعالى: ﴿رَدِفَ لَكُم﴾ [النمل: ٧٢]، أي: رَدِفَكم، وأَرْدَفْتُه إياه إذا تَبِعْتَه، ويقال: أَرْدَفته كقولك: اتَّبَعْته إذا جئت بعده، فلا يخلُو المكسورُ الدالِ مِنْ أن يكون بمعنى مُتْبِعين أو مُتَّبِعين. فإن كان بمعنى مُتْبِعين فلا يخلو من أن يكون بمعنى مُتْبِعِيْن بعضَهم بعضاً، أو مُتْبِعين بعضهم لبعض، أو بمعنى مُتْبعين إياهم المؤمنين، بمعنى يتقدَّمونهم فيُتْبعونهم أنفسهم أو مُتْبِعين لهم يُشَيِّعونهم ويُقَدِّمونهم بين أيديهم وهم على ساقتهم ليكونوا على أعينهم وحِفْظهم، أو بمعنى مُتْبِعين أنفسهم ملائكةً آخرين، أو متبعين غيرهم من الملائكة. ويعضد هذا الوجهَ قولُه تعالى في سورة آل عمران
﴿بثلاثة آلافٍ من الملائكة منزلين﴾ [آل عمران: ١٢٤] ﴿بِخَمْسَةِ آلاف مِّنَ الملائكة مُسَوِّمِينَ﴾ [آل عمران: ١٢٥]، ومن قرأ «مُرْدَفين» بالفتح فهو بمعنى مُتْبَعين أو مُتَّبَعين «.