اللفظُ تَثْنَوُوْنَ ثم قُلبت الواوُ المضمومةُ همزةً كقولهم:» أُجوه «في» وُجوه «و» أُقِّتَتْ «في» وقِّتت «فصار» تَثْنَؤُون «، فلمَّا أُكِّد الفعلُ بنونِ التوكيد حُذِفَتْ نونُ الرفع فالتقى ساكنان: وهما واوُ الضمير والنون الأولى مِنْ نون التوكيد، فحُذِفَتْ الواو وبقيت الضمةُ تدلُّ عليها فصار تَثْنَؤُنَّ كما ترى. و» صدورَهم «منصوب مفعولاً به فهذه إحدى عشرةَ قراءةً بالغْتُ في ضبطها باللفظ وإيضاح تصريفها؛ لأني رأيتها في الكتب مهملةً من الضبط باللفظ وغالبِ التصريف، وكأنهم اتَّكلوا في ذلك على الضبطِ بالشكل في الكتابة وهذا متعبٌ جداً.
قوله ﴿لِيَسْتَخْفُواْ﴾ فيه وجهان، أحدهما: أن هذه اللام متعلقةٌ ب» يَثْنُون «وكذا قاله الحوفي، والمعنى أنهم يفعلون ثَنْي الصدورِ لهذه العلة.
وهذا المعنى منقولٌ في التفسير ولا كُلْفَةَ فيه. والثاني: أن اللام متعلقةٌ بمحذوفٍ، قال الزمخشري: «ليَسْتَخْفُوا منه» يعني ويريدون: ليستَخْفُوا من اللَّه فلا يُطْلِعُ رسولَه والمؤمنين على ازْوِرارهم، ونظيرُ إضمارِ «يريدون» لعَوْدِ المعنى إلى إضماره الإِضمارُ في قولِه تعالى: ﴿أَنِ اضرب بِّعَصَاكَ البحر فانفلق﴾ [الشعراء: ٦٣] معناه: «فضرب فانفلق» قلت: ليس المعنى الذي يقودُنا إلى إضمار الفعل هناك كالمعنى هنا؛ لأن ثَمَّ لا بد منْ حذفِ معطوفٍ يُضْطر العقلُ إلى تقديره؛ لأنه ليس مِن لازم الأمر بالضرب انفلاقُ البحر فلا بد أن يُتَعقَّل «فضرب فانفلق»، وأمَّا في هذه فالاستخفاف علة صالحةٌ لتَثْنيهم صدورَهم فلا اضطرار بنا إلى إضمار الإِرادة.
والضميرُ في «منه» فيه وجهان، أحدهما: أنه عائد على رسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو ظاهرٌ على تعلُّق اللام ب «يَثْنون». والثاني: أنه عائدٌ على اللَّه تعالى كما قال الزمخشري.