وأمَّا قراءةُ ابنِ كثير فإن كانت مِنْ سَكَر الماءِ فواضحةٌ لأنه متعدٍّ، وإن كانَتْ مِنْ سَكَرِ الشَّرابِ أو سَكَر الريحِ فيجوز أن يكون الفعلُ استُعْمل لازماً تارةً ومتعدياً أخرى، نحو: رَجَع زيدٌ، ورَجَعَه غيرُه، وسَعَدَ وسَعَدَه غيرُه.
وقال الزمخشري: «وسُكِّرت: حُيِّرَتْ، أو حُبِسَتْ من السَّكَر أو السَّكْر، وقُرئ» سُكِرَتْ «بالتخفيف، أي: حُبِسَتْ كما يُحْبَسُ النهرُ مِنَ الجَرْيِ» فجعل قراءة التشديدِ محتملةً لمعنيين، وقراءةَ التخفيفِ لمعنىً واحدٍ.
وأمَّا قراءةُ الزُّهريِّ فواضِحَةٌ، أي: عُطِبَتْ. وقيل: هي مطاوعُ أَسْكَرْتُ المكانَ فسَكِرَ، أي: سَدَدْتُه فانْسَدَّ.
قوله تعالى: ﴿جَعَلْنَا﴾ : يجوز أن يكونَ بمعنى خَلَقْنا، فيتعلَّقَ به الجارُّ، وأن يكونَ بمعنى صَيَّرنا، فيكون مفعولُه الأول «بُروجاً»، ومفعولُه الثاني الجارَّ، فيتعلَّقُ بمحذوف.
و «للناظرين» متعلِّقٌ ب «زيَّنَاها». والضميرُ للسماء. وقيل: للبروجِ، وهي الكواكبُ، زَيَّنها بالضوء. والنظر عينيٌّ. وقيل: قلبيٌّ. وحُذِف متعلِّقُه لِيَعُمَّ.
قوله تعالى: ﴿إِلاَّ مَنِ استرق﴾ : فيه خمسةُ أوجهٍ، أحدُها: في محلِّ نصب على الاستثناءِ المتصلِ، والمعنى: فإنها لم تُحْفَظْ منه، قاله غيرُ واحدٍ. والثاني: منقطع، ومحلُّه النصبُ أيضاً. الثالث: أنه بدلٌ