قوله تعالى: ﴿آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ﴾ : فيه التفاتٌ من التكلم إلى الغيبة إذ لو جاء على نَسَقِ الكلامِ لقيل: إنهم فتيةٌ آمنوا بنا. وقوله: «وزِدْناهُم» «وَرَبَطْنا» التفاتٌ من هذه الغَيْبَة إلى التكلم أيضاً.
قوله تعالى: ﴿إِذْ قَامُواْ﴾ : منصوبٌ ب «رَبَطْنا» والرَّبْطُ استعارةٌ لتقويةِ قلوبهم في ذلك المكانِ الدَّحْضِ.
قوله: «إذن» جوابٌ وجزاءٌ، أي: لقد قُلنا قولاً شَطَطاً إنْ دَعَوْنا مِنْ دونِه إلهاً. وشَطَطاً في الأصل مصدرٌ، يقال: شَطَّ شَطَطاً وشُطُوطاً، أي: جارَ وتجاوزَ حَدَّه، ومنه: شطَّ في السَّوْمِ، وأَشَطَّ، أي: جاوَزَ القَدْرَ. وشَطَّ المنزلُ: بَعُدَ، من ذلك. وشَطَّتِ الجاريةُ شِطاطاًً، طالَتْ، من ذلك. وفي انتصابِه ثلاثةُ أوجهٍ، مذهبُ سيبويهِ النصبُ على الحال من ضميرِ مصدر «قُلْنا». الثاني: نعتٌ لمصدرٍ، أي: قولاً ذا شَطَطٍ، أو هو الشَّطَطُ نفسُهُ مبالغةً. الثالث: أنه مفعولٌ ب «قُلْنا» لتضمُّنِه معنى الجملة.
قوله تعالى: ﴿هؤلاء قَوْمُنَا اتخذوا﴾ : يجوز في «قومُنا» أن يكونَ بدلاً أو بياناً، و «اتَّخذوا» هو خبرُ «هؤلاء»، ويجوز أن يكونَ «قومُنا» هو الخبرَ، و «اتَّخذوا: حالاً. و» اتَّخذ «يجوزُ أَنْ يتعدَّى لواحدٍ بمعنى عَمِلوا؛ لأنهم نَحَتوها بأيديهم، ويجوز أَنْ تكونَ متعدِّيةً لاثنين بمعنى صَيَّروا، و» مِنْ دونِه «هو الثاني قُدِّمَ، و» آلهةً «هو الأولُ. وعلى الوجهِ الأولِ يجوز في» مِنْ دونِه «أن يتعلَّقَ ب» اتَّخذوا «، وأن يتعلَّقَ بمحذوفٍ حالاً مِنْ» آلهة «إذ لو تأخَّر لجاز أن يكونَ صفوً ل» آلهةً «.