قال الزمخشري:» فإنْ قلتَ: ذَكَر مقالةَ هود في جوابه في سورةِ الأعراف، وسورة هود، بغير واو: ﴿قَالَ الملأ الذين كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ﴾ [الأعراف: ٦٦] ﴿قَالُواْ ياهود مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ﴾ [هود: ٥٣] وههنا مع الواوِ فأيُّ فَرْقٍ بينهما؟ قلت: الذي بغيرِ واوٍ على تقديرِ سؤالِ سائلٍ: قال: فماذا قيل له؟ فقيل له: قالوا: كيتَ وكيتَ. وأمَّا الذي مع الواو فَعَطْفٌ لِما قالوه على ما قاله، ومعناه أنه اجتمع في الحصول: هذا الحقُّ وهذا الباطلُ، وشتان ما بينهما «.
قلت: ولقائلٍ أَنْ يقولَ: هذا جوابٌ بنفس الواقعِ، والسؤالُ باقٍ/؛ إذ يَحْسُنُ أن يُقال: لِمَ لا يُجْعَلْ هنا قولُهم أيضاً جوباً لسؤالِ سائلٍ كما في نظيرتَيْها لو عكس الأمر؟.
قوله: ﴿مِمَّا تَشْرَبُونَ﴾ : أي: منه، فَحَذَفَ العائدَ لاستكمالِ شروطِه وهو: اتِّحادُ الحرفِ والمتعلَّقِ، وعدمُ قيامِه مقامَ مرفوع، وعدمُ ضميرٍ آخرَ. هذا إذا جَعَلْناها بمعنى الذي فإنْ جَعَلْتَها مصدراً لم تَحْتج إلى عائدٍ، ويكونُ المصدرُ واقعاً موقعَ المفعولِ أي: مِنْ مَشْروبكم. وقال في التحرير: «وزعم الفراء أنَّ معنى» ما تَشْربون «على حذفٍ أي: تشربون منه.


الصفحة التالية
Icon