بأنَّ الناسَ». ثم هذه الباء تُحتملُ أَنْ تكونَ مُعَدِّيَةً، وأن تكونَ سببيةً، وعلى التقديرين: يجوزُ أَنْ يكونَ «تُكَلِّمهم» بمعنَيَيْه من الحديثِ والجَرْح أي: تُحَدِّثهم بأنَّ الناسَ أو بسببِ أنَّ الناسَ، أو تجرَحهم بأنَّ الناس أي: تَسِمُهم بهذا اللفظِ، أو تَسِمُهم بسبب انتفاءِ الإِيمانِ.
وأمَّا الكسرُ فعلى الاستئناف. ثم هو محتمِلٌ لأَنْ يكونَ من كلامِ اللهِ تعالى وهو الظاهرُ، وأَنْ يكونَ من كلامِ الدابَّةِ، فيُعَكِّرَ عليه «بآياتنا». ويُجاب عنه: إمَّا باختصاصِها، صَحَّ إضافةُ الآياتِ إليها، كقولِ أتباعِ الملوكِ: دوابُّنا وخَيْلُنا، وهي لِمَلِكهم، وإمَّا على حَذْفِ مضافٍ أي: بآيات ربِّنا. وتُكَلِّمهم إنْ كان من الحديثِ فيجوزُ أَنْ يكونَ: إمَّا لإجراءِ «تُكَلِّمُهم» مجرى تقولُ لهم، وإمَّا على إضمارِ القولِ أي: فتقول كذا. وهذا القولُ تفسيرٌ ل «تُكَلِّمُهم».
قوله: ﴿مِن كُلِّ أُمَّةٍ﴾ : يجوزُ أَنْ يكونَ متعلِّقاً بالحشر، و «مِنْ» لابتداءِ الغاية، وأَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ مِنْ «فَوْجاً» ؛ لأن يجوزُ أن يكونَ صفةً له في الأصل. والفَوْجُ: الجماعة كالقوم، وقيَّدهم الراغبُ فقال: الجماعةُ المارَّةُ المسرعةُ «وكأنَّ هذا هو الأصلُ ثم أُطْلِقَ، وإنْ لم يكُن مرورٌ ولا إسراعٌ. والجمعُ: أفواجٌ وفُؤُوج. و» مِمَّنْ يُكَذِّبُ «صفةٌ له. و» ِمنْ «في» مِنْ كلِّ «تبعيضيةٌ، وفي» مِمَّن يُكَّذِّبُ «تَبْيينيَّة.
والواو في «ولم تُحِيْطُوا» يجوزُ أَنْ تكونَ العاطفةَ، وأن تكونَ الحاليَّةَ. و «عِلْماً» تمييزُ.


الصفحة التالية
Icon