قوله: «أَمْ ماذا»«أم» هنا منقطعةٌ. وتقدَّم حكمُها و «ماذا» يجوز أَنْ يكونَ برُمَّتِه استفهاماً منصوباً ب «تَعْمَلون» الواقعِ خبراً عن «كنتم»، وأَنْ تكونَ «ما» استفهاميةً مبتدأً، و «ذا» موصولٌ خبرُه، والصلةُ «كنتمُ تعملون»، وعائدُه محذوفٌ أي: أيَّ شيءٍ الذي كنتم تَعْملونه.
وقرأ أبو حيوةَ «أَمَا» بتخفيفِ الميمِ، جَعَلَ همزةَ الاستفهامِ داخلةً على اسمِه تأكيداً كقولِه:
٣٥٨٢ -...........................
أهَلْ رَأَوْنا بوادي القُفِّ ذي الأَكَمِ
قوله: ﴿بِمَا ظَلَمُواْ﴾ : أي: بسببِ ظُلْمِهم. ويَضْعُفُ جَعْلُ «ما» بمعنى الذي.
قوله: ﴿لِيَسْكُنُواْ فِيهِ﴾ : قيل: قد حُذِفَ من الأولِ ما أُثْبت نظيرُه في الثاني، ومن الثاني ما أُثبتْ نظيرهُ في الأولِ؛ إذ التقديرُ: جَعَلْنا الليلَ مُظْلماً/ لِيَسْكنوا فيه، والنهارَ مُبْصِراً ليَتَصَرَّفوا فيه. فحذف «مُظْلِماً» لدلالةِ «مُبْصِراً»، و «لِيتصَرَّفوا» لدلالة «لَيَسْكُنُوا». وقولُه «مُبْصِراً» كقولِه: ﴿آيَةَ النهار مُبْصِرَةً﴾ [الإسراء: ١٢] وتقدَّمَ تحقيقه في الإِسراء. قال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: ما للتقابلِ لم يُراعَ في قولِه:» لِيَسْكُنوا «و» مُبْصِراً «حيث كان أحدُهما علةَ والآخرُ حالاً؟ قلت: هو مُراعَى من حيث المعنى، وهكذا النظمُ المطبوعُ غيرُ المتكلَّفِ».
الصفحة التالية