قوله: / ﴿أَن يُكَلِّمَهُ الله﴾ :«أَنْ» ومنصوبُها اسمُ كان وليس «خبرَ» «ما». وقال أبو البقاء: «أَنْ والفعلُ في موضع رفعٍ على الابتداءِ وما قبلَه الخبرُ، أو فاعلٌ بالجارِّ لاعتمادِه على حرفِ النفي» وكأنه [وَهِمَ في التلاوةِ، فزعَم أنَّ القرآنَ: وما لبشَرٍ أَنْ يُكَلِّمه] مع أنَّه يمكنُ الجوابُ عنه بتكلُّفٍ. و «إلاَّ وَحْياً» يجوزُ أَنْ يكونَ مصدراً أي: إلاَّ كلامَ وَحْيٍ. وقال أبو البقاء: «استثناءٌ منقطعٌ؛ لأنَّ الوَحْيَ ليس من جنس الكلام» وفيه نظرٌ لأنَّ ظاهرَه أنه مُفرَّغٌ، والمفرَّغُ لا يُوْصَفُ بذلك. ويجوزُ أَنْ يكونَ مصدراً في موضعِ الحال.
قوله: «أو يُرْسِل» قرأ نافعٌ «يُرْسِلُ» برفع اللامِ، وكذلك «فيوحِيْ» فسَكَنَتْ ياؤُه. والباقون بنصبهما. فأمَّا القراءةُ الأولى ففيها ثلاثة أوجهٍ، أحدها: أنَّه رفعٌ على إضمارِ مبتدأ أي: أو هو يُرْسِلُ. الثاني: أنه عطفٌ على «وَحْياً» على أنَّه حالٌ؛ لأنَّ وَحْياً في تقديرِ الحال أيضاً، فكأنه قال: إلاَّ مُوْحِياً أو مرسِلاً. الثالث: أَنْ يُعْطَفَ على ما يتعلَّقُ به «من وراءه»، إذ تقديرُه: أو يُسْمِعُ مِنْ وراءِ حجاب، و «وَحْياً» في موضعِ الحال، عُطِف عليه ذلك المقدَّرُ المعطوفُ عليه «أَوْ يُرْسِلُ». والتقدير: إلاَّ مُوْحِياً أو مُسْمِعاً مِنْ وراءِ حجابٍ، أو مُرْسِلاً.
وأمَّا الثانيةُ ففيها ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أَنْ يُعْطَفَ على المضمرِ الذي


الصفحة التالية
Icon