لاَ يُفْتَنُونَ}. وذلك أنَّ تقديرَه: أَحَسِبُوا تَرْكَهم غيرَ مفتونين لقولِهم: آمنَّا، فالتركُ أولُ مفعولَيْ» حَسِب «و» لقولهم آمنَّا «هو الخبر. وأمَّا غيرَ مفتونين فتتمةُ التركِ؛ لأنه من الترك الذي هو بمعنى التصيير، كقوله:

٣٦٣٣ - فَتَرَكْتُه جَزَرَ السِّباعِ يَنُشْنَه ....................
ألا ترى أنك قبل المجيء بالحُسْبان تَقْدِرُ أَنْ تقولَ: تَرَكَهم غيرَ مفتونين لقولِهم: آمنَّا على [تقدير] : حاصل ومستقر قبل اللام. فإنْ قلت:» أَنْ يَقُولوا «هو علةُ تَرْكِهم غيرَ مَفْتونين، فكيف يَصِحُّ أن يقعَ خبرَ مبتدأ؟ قلت: كما تقول: خروجُه لمخافةِ الشرِّ وضَرْبُه للتأديب، وقد كان التأديبُ والمخافةُ في قولِك: خَرَجْتُ مخافةَ الشرِّ وضَرَبْتُه تأديباً تعليلين. وتقول أيضاً: حَسِبْتُ خروجَه لمخافةِ الشَّرِّ، وظنَنْتُ ضربَه للتأديب، فتجعلهما مفعولين كما جعلتَهما مبتدأ وخبراً».
قال الشيخ بعد هذا كلِّه: «وهو كلامٌ فيه اضطرابٌ؛ ذكر أولاً أنَّ تقديرَه غيرَ مفتونين تتمةٌ، يعني أنه حالٌ لأنه سَبَكَ ذلك مِنْ قولِهِ ﴿وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ﴾ وهي جملةٌ حالية، ثم ذكر أَنَّ» يُتْركوا «هنا من الترك الذي هو تَصْييرٌ. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّ مفعولَ» صيَّر «الثاني لا يَسْتقيمُ أَنْ يكونَ» لقولِهم «؛ إذا يصيرُ التقديرُ: أن يُصَيَّروا


الصفحة التالية
Icon