وفي إباحته، صلى الله عليه وسلم، قتله للمحرم والحلال، وفي الحل والحرم دليل على أنه لا يحل بالشفرة، إذ لو حل بها ما جاز قتله للمحرم ولا غيره، ولا هو مع ذلك في عداد الصيد، إذ لو كان في عداده ما جاز لنا قتله، ولا قرن بينه وبين الفأرة والكلب العقور.
وهل أحد أحق بوقوع اسم الفسق عليه ممن يأكل فاسدا،.
وكذا قال في سورة المائدة في وآخر ذكر تحريم المنخنقة وما حرم معها:
(ذلكم فسقٌ).
فإن قيل: فما الدليل على أن الغراب لما أبيح للمحرم قتله لم يحل بالشفرة ذبحه، والقتل يترجم به عن الذبح في اللغة ويوضع موضعه، والشاهد على صحته: أن المحرم نهي عن قتل الصيد، فلم يجز له ذبحه، إذ النهي وقع على إفاتة نفس الصيد في حال الإحرام لا على قتله بمعنى يصير به عقيراً غير مذبوح.
قيل: أول الدليل عليه نفس ما اعتللت به من لفظ القتل الشامل للذبح، إذ لو لم يكن كذلك لجاز أن يكون ذبح الغراب محرما على المحرم ومباحا له إفاتة نفسه بالقتل لا بالذبح.
والثاني: أن تسميته إياه بالفسق مخرجه من جهة المأكولات وملحقه بالخبائث الممنوعات بقوله: (ويحرم عليهم الخبائث) والخبيث